الْقُرْآنِ لَيْسَ فِيهَا مَا هُوَ مُعْتَدٌّ بِهِ فِي حَقِيقَتِهِ مِنَ الْعُمُومِ، وَإِنْ قِيلَ بِأَنَّهُ حُجَّةٌ بَعْدَ التَّخْصِيصِ، وَفِيهِ مَا يَقْتَضِي إِبْطَالَ الْكُلِّيَّاتِ الْقُرْآنِيَّةِ، وَإِسْقَاطَ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ جُمْلَةً؛ إِلَّا بِجِهَةٍ مِنَ التَّسَاهُلِ وَتَحْسِينِ الظَّنِّ، لَا عَلَى تَحْقِيقِ النَّظَرِ وَالْقَطْعِ بِالْحُكْمِ، وَفِي هَذَا إِذَا تُؤُمِّلَ تَوْهِينُ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَتَضْعِيفُ الِاسْتِنَادِ إِلَيْهَا، وَرُبَّمَا نَقَلُوا فِي الْحُجَّةِ لِهَذَا الْمَوْضِعِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ عام إلا مخصص، إلا قوله تعالى: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} 1 [الْبَقَرَةِ: 282] ، وَجَمِيعُ ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الْعَرَبِ، وَمُخَالِفٌ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ الصَّالِحُ مِنِ الْقَطْعِ بِعُمُومَاتِهِ الَّتِي فَهِمُوهَا تَحْقِيقًا، بِحَسَبِ قَصْدِ الْعَرَبِ فِي اللِّسَانِ، وَبِحَسَبِ قَصْدِ الشَّارِعِ فِي مَوَارِدِ الْأَحْكَامِ.
وَأَيْضًا, فَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بُعث بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ2، واختُصر لَهُ الْكَلَامُ اخْتِصَارًا عَلَى وَجْهٍ هُوَ أَبْلَغُ مَا يَكُونُ، وَأَقْرَبُ مَا يُمْكِنُ فِي التَّحْصِيلِ، ورأسُ هَذِهِ الْجَوَامِعِ فِي التَّعْبِيرِ الْعُمُومَاتُ3، فَإِذَا فُرِضَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَوْجُودَةٍ في