قَاعِدَةٌ مَكِّيَّةٌ كُلِّيَّةٌ؛ فَفِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الْأَخْذِ بِالْعُمُومِ اللَّفْظِيِّ وَإِنْ دَلَّ الِاسْتِعْمَالُ اللُّغَوِيُّ أَوِ الشَّرْعِيُّ عَلَى خِلَافِهِ.
وَكَذَلِكَ قوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى} [النِّسَاءِ: 115] الْآيَةَ، فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِيمَنِ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} الْآيَةَ [النِّسَاءِ: 48] ثُمَّ إِنَّ عَامَّةَ الْعُلَمَاءِ اسْتَدَلُّوا بِهَا عَلَى كَوْنِ الْإِجْمَاعِ حُجَّةً1 وَأَنَّ مُخَالِفَهُ عاصٍ، وَعَلَى أَنَّ الِابْتِدَاعَ فِي الدِّينِ مَذْمُومٌ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ} [هُودٍ: 5] ظَاهِرُ مَسَاقِ الْآيَةِ أَنَّهَا فِي الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ} [هُودٍ: 5] ، أَيْ: مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ مِنْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "إِنَّهَا فِي أُنَاسٍ كَانُوا يَسْتَحْيُونَ أَنْ يَتَخَلَّوْا2 فَيُفْضُوا إِلَى السَّمَاءِ، وَأَنْ يُجَامِعُوا نِسَاءَهُمْ فَيُفْضُوا إِلَى السَّمَاءِ؛ فَنَزَلَ ذَلِكَ فِيهِمْ"3؛ فَقَدْ عَمَّ4 هَؤُلَاءِ فِي حُكْمِ الآية مع