الموافقات (صفحة 1840)

الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ؛ فَإِنَّ الْمَوْضِعَ يَسْتَمِدُّ مِنْهَا1، وَهَذَا الموضع2 وَإِنْ كَانَ قَدْ جِيءَ بِهِ مُضَمَّنًا فِي الْكَلَامِ الْعَرَبِيِّ؛ فَلَهُ مَقَاصِدُ تَخْتَصُّ بِهِ يَدُلُّ عَلَيْهَا الْمَسَاقُ الْحُكْمِيُّ أَيْضًا، وَهَذَا الْمَسَاقُ يَخْتَصُّ بِمَعْرِفَتِهِ الْعَارِفُونَ بِمَقَاصِدِ الشَّارِعِ، كَمَا أَنَّ الْأَوَّلَ يَخْتَصُّ بِمَعْرِفَتِهِ الْعَارِفُونَ بِمَقَاصِدِ الْعَرَبِ؛ فَكُلُّ مَا سَأَلُوا عَنْهُ فَمِنْ [هَذَا] 3 الْقَبِيلِ إِذَا تَدَبَّرْتَهُ.

فَصْلٌ:

وَيَتَبَيَّنُ لَكَ صِحَّةُ مَا تَقَرَّرَ فِي النَّظَرِ فِي الْأَمْثِلَةِ الْمُعْتَرَضِ بِهَا فِي السُّؤَالِ الْأَوَّلِ4.

فَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} الْآيَةَ [الْأَنْعَامِ: 82] ؛ فَإِنَّ سِيَاقَ الْكَلَامِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالظُّلْمِ أَنْوَاعُ الشِّرْكِ عَلَى الْخُصُوصِ، فَإِنَّ السُّورَةَ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا مُقَرِّرَةٌ لِقَوَاعِدِ التَّوْحِيدِ، وَهَادِمَةٌ لِقَوَاعِدِ الشِّرْكِ وَمَا يَلِيهِ، وَالَّذِي تَقَدَّمَ قَبْلَ الْآيَةِ قِصَّةُ إِبْرَاهِيمَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- فِي مُحَاجَّتِهِ لِقَوْمِهِ بِالْأَدِلَّةِ الَّتِي أَظْهَرَهَا لَهُمْ فِي الْكَوْكَبِ وَالْقَمَرِ وَالشَّمْسِ، وَكَانَ قَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَ ذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ} [الْأَنْعَامِ: 21] ، فبيَّن أَنَّهُ لَا أَحَدَ أَظْلَمُ مِمَّنِ ارْتَكَبَ هَاتَيْنِ الْخُلَّتَيْنِ5 وَظَهَرَ أَنَّهُمَا الْمَعْنِيَّ6 بِهِمَا فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ إِبْطَالًا بالحجة، وتقريرًا لمنزلتهما في المخالفة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015