الموافقات (صفحة 1834)

الْمُخْبَرِ عَنْهُ؛ فَلَا تَدْخُلُ صِفَاتُهُ تَعَالَى تَحْتَ الْخِطَابِ، وَهَذَا مَعْلُومٌ مِنْ وَضْعِ اللِّسَانِ".

فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعُمُومَ إِنَّمَا يُعْتَبَرُ بِالِاسْتِعْمَالِ، وَوُجُوهُ الِاسْتِعْمَالِ كَثِيرَةٌ، وَلَكِنَّ ضَابِطَهَا مُقْتَضَيَاتُ1 الْأَحْوَالِ الَّتِي هِيَ مِلَاكُ الْبَيَانِ؛ فَإِنَّ قَوْلَهُ: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} [الْأَحْقَافِ: 25] لَمْ يُقْصَدْ بِهِ أَنَّهَا تدمر السموات وَالْأَرْضَ وَالْجِبَالَ، وَلَا الْمِيَاهَ وَلَا غَيْرَهَا مِمَّا هُوَ فِي مَعْنَاهَا، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ مَرَّتْ عَلَيْهِ مِمَّا شَأْنُهَا أَنْ تُؤَثِّرَ فِيهِ عَلَى الْجُمْلَةِ، وَلِذَلِكَ قَالَ: {فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ} [الْأَحْقَافِ: 25] .

وَقَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ} [الذاريات: 42] .

ومن الدليل على هذ [أيضًا] أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِحَسَبِ اللِّسَانِ؛ فَلَا يُقَالُ: مِنْ دَخَلَ دَارِي أَكْرَمْتُهُ إِلَّا نَفْسِي، أَوْ أَكْرَمْتُ النَّاسَ إِلَّا نَفْسِي، وَلَا قَاتَلْتُ الْكُفَّارَ إِلَّا مَنْ لَمْ أَلْقَ مِنْهُمْ، وَلَا مَا كَانَ نَحْوَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ غَيْرِ الْمُتَكَلِّمِ مِمَّنْ دَخَلَ الدَّارَ، أَوْ مِمَّنْ لَقِيتُ2 مِنَ الْكُفَّارِ، وَهُوَ الَّذِي يُتَوَهَّمُ3 دُخُولُهُ لَوْ لَمْ يُسْتَثْنَ، هَذَا كَلَامُ الْعَرَبِ فِي التَّعْمِيمِ؛ فَهُوَ إِذًا الْجَارِي في عمومات الشرع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015