وَقَالَ تَعَالَى: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [الْعَنْكَبُوتِ: 43] .
فَحَصَرَ تَعَقُّلَهَا فِي الْعَالِمِينَ، وَهُوَ قَصْدُ الشَّارِعِ مِنْ ضَرْبِ الْأَمْثَالِ.
وَقَالَ: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى} [الرَّعْدِ: 19] .
ثُمَّ وَصَفَ أَهْلَ الْعِلْمِ بِقَوْلِهِ: {الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ} [الرَّعْدِ: 20] .
إِلَى آخِرِ الْأَوْصَافِ، وَحَاصِلُهَا يَرْجِعُ إِلَى أَنَّ الْعُلَمَاءَ هُمُ الْعَامِلُونَ.
وَقَالَ فِي أَهْلِ الْإِيمَانِ, وَالْإِيمَانُ مِنْ فَوَائِدِ الْعِلْمِ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ... } إِلَى أَنْ قَالَ: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} [الْأَنْفَالِ: 2-4] .
وَمِنْ هُنَا قَرَنَ الْعُلَمَاءَ فِي الْعَمَلِ بِمُقْتَضَى الْعِلْمِ بِالْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ؛ فَقَالَ تَعَالَى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [آلِ عِمْرَانَ: 18] .
فَشَهَادَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَفْقَ عِلْمِهِ1 ظَاهِرَةُ التَّوَافُقِ؛ إِذِ التَّخَالُفُ مُحال، وَشَهَادَةُ الْمَلَائِكَةِ عَلَى وَفْقِ مَا عَلِمُوا صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّهُمْ مَحْفُوظُونَ مِنَ الْمَعَاصِي، وَأُولُو الْعِلْمِ أَيْضًا كَذَلِكَ مِنْ حَيْثُ حُفظوا بِالْعِلْمِ، وَقَدْ كَانَ الصَّحَابَةُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ- إِذَا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ آيَةٌ فِيهَا تخويف أحزنهم2 ذلك وأقلقهم، حتى يسألوا