الموافقات (صفحة 1775)

بَعْدَهُ وَهَى عُمْدَةُ مَا حَافَظَتْ عَلَيْهِ الشَّرِيعَةُ.

وَأَيْضًا؛ فَإِنَّ حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى لَيْسَتْ عَلَى وِزَانٍ وَاحِدٍ فِي الطَّلَبِ؛ فَمِنْهَا مَا هُوَ مَطْلُوبٌ حَتْمًا كَالْقَوَاعِدِ الْخَمْسِ، وَسَائِرِ الضَّرُورِيَّاتِ الْمُرَاعَاةِ فِي كُلِّ مِلَّةٍ، وَمِنْهَا مَا لَيْسَ بِحَتْمٍ كَالْمَنْدُوبَاتِ؛ فَكَيْفَ يُقَالُ: إِنَّ الْمَنْدُوبَاتِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى غَيْرِهَا مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ، وَإِنْ كَانَتْ وَاجِبَةً؟ هَذَا [مِمَّا] لَا يَسْتَقِيمُ فِي النَّظَرِ.

وَأَيْضًا؛ فَالْأَدِلَّةُ الْمُعَارِضَةُ لِمَا تَقَدَّمَ أَكْثَرُ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [الْبَقَرَةِ: 195] .

وَقَوْلِهِ: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} 1 الآية [البقرة: 197] .

وَقَدْ كَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَسْتَعِدُّ الْأَسْبَابَ لِمَعَاشِهِ وَسَائِرِ أَعْمَالِهِ مِنْ جِهَادٍ وَغَيْرِهِ، وَيَعْمَلُ بِمِثْلِ ذَلِكَ أَصْحَابُهُ، وَالسُّنَّةُ الْجَارِيَةُ فِي الْخَلْقِ الْجَرَيَانُ عَلَى الْعَادَاتِ، وَمَا تَقَدَّمَ لَا يَقْتَضِيهِ2؛ فَلَا بُدَّ مِنْ صِحَّةِ أَحَدِهِمَا، وَإِنْ صَحَّ بَطَلَ الْآخَرُ، وَلَيْسَ مَا دَلَّلْتُمْ عَلَيْهِ بِأَوْلَى مِمَّا دَلَّلْنَا عَلَيْهِ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ تحكم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015