الموافقات (صفحة 1765)

وَأَمَّا الثَّانِي؛ فجارٍ عَلَى إِسْقَاطِ اعْتِبَارِهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ1 مَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ الْإِسْقَاطِ، وَمِنَ الدَّلِيلِ أَيْضًا عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْمَأْخَذِ أَشْيَاءُ:

أَحَدُهَا: مَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنَ الْعَبْدِ التَّعَبُّدُ بِإِطْلَاقٍ، وَأَنَّ عَلَى اللَّهِ ضَمَانُ الرِّزْقِ، كان ذلك مع تعاطي الأسباب أو لا2؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ، مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ} [الذَّارِيَاتِ: 56-57] .

[وَقَوْلُهُ] 3: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [طه: 132] .

فَهَذَا وَاضِحٌ فِي أَنَّهُ إِذَا تَعَارَضَ حَقُّ اللَّهِ وَحَقُّ الْعِبَادِ؛ فَالْمُقَدَّمُ حَقُّ اللَّهِ، فَإِنَّ حُقُوقَ الْعِبَادِ مَضْمُونَةٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَالرِّزْقُ مِنْ أَعْظَمِ حُقُوقِ الْعِبَادِ؛ فَاقْتَضَى الْكَلَامُ أَنَّ مَنِ اشْتَغَلَ4 بِعِبَادَةِ اللَّهِ كَفَاهُ اللَّهُ مُؤْنَةَ الرِّزْقِ، وَإِذَا ثَبَتَ هذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015