الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ:
تَقَدَّمَ أَنَّ مِنَ الْحُقُوقِ الْمَطْلُوبَةِ مَا هُوَ حَقٌّ1 لِلَّهِ [وَمَا هُوَ حَقٌّ لِلْعِبَادِ وَأَنَّ مَا هُوَ حَقٌّ لِلْعِبَادِ فَفِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ] 2 كَمَا أَنَّ مَا هُوَ حَقٌّ لِلَّهِ فَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى الْعِبَادِ وَعَلَى ذَلِكَ يَقَعُ التَّفْرِيعُ هُنَا بِحَوْلِ اللَّهِ؛ فَنَقُولُ: الْأَوَامِرُ وَالنَّوَاهِي يُمْكِنُ أَخْذُهَا امْتِثَالًا مِنْ جِهَةِ مَا هِيَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى مُجَرَّدًا3 عَنِ النَّظَرِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، وَيُمْكِنُ أَخْذُهَا مِنْ جِهَةِ مَا تَعَلَّقَتْ بِهَا حُقُوقُ الْعِبَادِ، وَمَعْنَى ذلك أن المكلف إذا سمع مثلًا بقول اللَّهِ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آلِ عِمْرَانَ: 97] ؛ فَلِامْتِثَالِهِ هَذَا الْأَمْرَ مَأْخَذَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الْمَشْهُورُ الْمُتَدَاوَلُ أَنْ يَنْظُرَ فِي نَفْسِهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى [قُدْرَتِهِ عَلَى] قَطْعِ الطَّرِيقِ، وَإِلَى زَادٍ يَبْلُغُهُ، وَإِلَى مَرْكُوبٍ يَسْتَعِينُ بِهِ، وَإِلَى الطَّرِيقِ إِنْ كَانَ مَخُوفًا أَوْ مَأْمُونًا، وَإِلَى اسْتِعَانَتِهِ بِالرُّفْقَةِ وَالصُّحْبَةِ لِمَشَقَّةِ الْوَحْدَةِ وَغَرَرِهَا4، وَإِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي تُعُودُ عَلَيْهِ فِي قَصْدِهِ بِالْمَصْلَحَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ أَوْ بِالْمَفْسَدَةِ، فَإِذَا حَصَلَتْ لَهُ أَسْبَابُ السفر وشروطه العاديات؛ انتهض للامتثال،