الموافقات (صفحة 1760)

حَيْثُ تَعُمُّ الْخَلَائِقَ كُلَّهُمْ؛ فَيَنْدَمُ الْمُسِيءُ أَنْ لَا يَكُونَ قَدْ أَحْسَنَ، وَالْمُحْسِنُ أَنْ لَا يَكُونَ قَدِ ازْدَادَ إِحْسَانًا.

فَإِنْ قِيلَ: هَذَا إِثْبَاتٌ لِلنَّقْصِ فِي مَرَاتِبِ الْكَمَالِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَرَاتِبَ الْكَمَالِ لَا نَقْصَ فِيهَا.

فَالْجَوَابُ: أَنَّهُ لَيْسَ بِإِثْبَاتِ نَقْصٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَإِنَّمَا هُوَ إِثْبَاتٌ رَاجِحٌ وَأَرْجَحُ، وَهَذَا مَوْجُودٌ.

وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْجَنَّةَ مِائَةُ دَرَجَةٍ1، وَلَا شَكَّ فِي تَفَاوُتِهَا2 فِي الْأَكْمَلِيَّةِ وَالْأَرْجَحِيَّةِ، وَقَالَ اللَّهُ تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُم} [البقرة: 253] .

[وقال: {فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْض} [الْإِسْرَاءِ: 55] 3.

وَمَعْلُومٌ أَنْ لَا نَقْصَ فِي مَرَاتِبِ النُّبُوَّةِ؛ إِلَّا أَنَّ الْمُسَارَعَةَ فِي الْخَيْرَاتِ تَقْتَضِي الْمُطَالَبَةَ بِأَقْصَى الْمَرَاتِبِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ عَادَةً، فَلَا يَلِيقُ بِصَاحِبِهَا الِاقْتِصَارُ عَلَى مَرْتَبَةٍ دُونَ مَا فَوْقَهَا؛ فَلِذَلِكَ قد تستنقص النفوس الإقامة ببعض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015