أَحَدُهَا: النَّظَرُ إِلَى قَصْدِ التَّقَرُّبِ بِمُقْتَضَاهَا؛ فَإِنَّ امْتِثَالَ الْأَوَامِرِ وَاجْتِنَابَ النَّوَاهِي مِنْ حَيْثُ هِيَ تَقْتَضِي التَّقَرُّبَ مِنَ الْمُتَوَجَّهِ إِلَيْهِ، كَمَا أَنَّ الْمُخَالَفَةَ تَقْتَضِي ضِدَّ ذَلِكَ؛ فَطَالِبُ الْقُرْبِ لَا فَرْقَ عِنْدَهُ بَيْنَ مَا هُوَ وَاجِبٌ وَبَيْنَ مَا هُوَ مَنْدُوبٌ؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ يَقْتَضِيهِ حَسْبَمَا دَلَّتْ1 عَلَيْهِ الشَّرِيعَةُ، كَمَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَكْرُوهِ وَالْمُحَرَّمِ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ يَقْتَضِي نَقِيضَ الْقُرْبِ، وَهُوَ إِمَّا الْبُعْدُ، وَإِمَّا الْوُقُوفُ عَنْ زِيَادَةِ الْقُرْبِ، وَالتَّمَادِي فِي الْقُرْبِ هُوَ الْمَطْلُوبُ؛ فَحَصَلَ مِنْ تِلْكَ2 أَنَّ الْجَمِيعَ عَلَى وِزَانٍ وَاحِدٍ فِي قَصْدِ التَّقَرُّبِ وَالْهَرَبِ عَنِ الْبُعْدِ.
وَالثَّانِي: النَّظَرُ إِلَى مَا تَضَمَّنَتْهُ الْأَوَامِرُ وَالنَّوَاهِي مِنْ جَلْبِ الْمَصَالِحِ وَدَرْءِ الْمَفَاسِدِ [عِنْدَ الِامْتِثَالِ، وَضِدُّ ذَلِكَ عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ، فَإِنَّهُ قَدْ مَرَّ أَنَّ الشَّرِيعَةَ وُضِعَتْ لِجَلْبِ الْمَصَالِحِ وَدَرْءِ الْمَفَاسِدِ] 3؛ فَالْبَانِي عَلَى مُقْتَضَى ذَلِكَ لَا يَفْتَرِقُ عِنْدَهُ طَلَبٌ مِنْ طَلَبٍ، كَالْأَوَّلِ4 فِي الْقَصْدِ إِلَى التَّقَرُّبِ.
وَأَيْضًا5؛ فَإِذَا كَانَ التَّفَاوُتُ فِي مراتب الأوامر والنواهي راجعا إلى تكميل6 خَادِمٍ، وَمُكَمِّلٍ مَخْدُومٍ، وَمَا هُوَ كَالصِّفَةِ وَالْمَوْصُوفِ؛ فمتى حصلت