الموافقات (صفحة 1748)

يَكُونَ مَطْلُوبَ الْفِعْلِ بِالْكُلِّ وَقَدْ فَرَضْنَاهُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، هَذَا خُلْفٌ، وَإِنَّمَا يَصِيرُ هَذَا شَبِيهًا بِفِعْلِ الْمَكْرُوهِ طَلَبًا لِتَنْشِيطِ النَّفْسِ عَلَى الطَّاعَةِ؛ فَكَمَا أَنَّ الْمَكْرُوهَ بِهَذَا الْقَصْدِ لَا يَنْقَلِبُ طَاعَةً كَذَلِكَ [مَا كَانَ] 1 فِي مَعْنَاهُ أَوْ شَبِيهًا بِهِ.

فَصْلٌ

- وَمِنْهَا: بَيَانُ وَجْهِ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُنَاسٍ بِكَثْرَةِ الْمَالِ، مَعَ عِلْمِهِ بِسُوءِ عَاقِبَتِهِمْ فِيهِ؛ كَقَوْلِهِ لِثَعْلَبَةَ بْنِ حَاطِبٍ: "قَلِيلٌ تُؤَدِي شُكْرَهُ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ لَا تُطِيقُهُ" 2، ثُمَّ دَعَا لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ فَيَقُولُ الْقَائِلُ: لَوْ كَانَ عِنْدَهُ أَنَّ كَثْرَةَ الْمَالِ يَضُرُّ بِهِ فلمَ دَعَا لَهُ؟ وَجَوَابُ هَذَا رَاجِعٌ إِلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ دُعَاءَهُ لَهُ إِنَّمَا كَانَ مِنْ جِهَةِ أَصْلِ الْإِبَاحَةِ فِي الِاكْتِسَابِ أَوْ أَصْلِ3 الطَّلَبِ؛ فَلَا إِشْكَالَ فِي دُعَائِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَهُ.

وَمِثْلُهُ التَّحْذِيرُ مِنْ فِتْنَةِ الْمَالِ مَعَ أَصْلِ مَشْرُوعِيَّةِ الِاكْتِسَابِ لَهُ4 كَقَوْلِهِ: "إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ مَا يُخْرِجُ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ بَرَكَاتِ الْأَرْضِ". قِيلَ5 وَمَا بَرَكَاتُ الْأَرْضِ؟ قَالَ: "زَهْرَةُ الدُّنْيَا". فَقِيلَ: هَلْ يَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ؟ فَقَالَ: "لَا يَأْتِي الْخَيْرُ إِلَّا بِالْخَيْرِ، وَإِنَّ هَذَا الْمَالَ حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ" 6 الْحَدِيثَ.

وَقَالَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فأعطاني،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015