يَقْتَضِيهِ الْحَالُ فِي الِاسْتِعْمَالِ لِلْمُبَاحِ أَوْ تَرْكِ الِاسْتِعْمَالِ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ لَا فَائِدَةَ فِيهِ فِيمَا يَظْهَرُ، إِلَّا تَعْلِيقُ الْفِكْرِ بِأَمْرٍ صِنَاعِيٍّ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ شَأْنِ أَهْلِ الْحَزْمِ مِنَ الْعُلَمَاءِ.
فَالْجَوَابُ: أَنَّهُ يَنْبَنِي عَلَيْهِ أُمُورٌ1 فِقْهِيَّةٌ، وَأُصُولٌ عَمَلِيَّةٌ.
- مِنْهَا: الْفَرْقُ بَيْنَ مَا يُطْلَبُ الْخُرُوجُ عَنْهُ مِنَ الْمُبَاحَاتِ عِنْدَ اعْتِرَاضِ الْعَوَارِضِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْفَاسِدِ، وَمَا لَا يُطْلَبُ الْخُرُوجُ عَنْهُ، وَإِنِ اعْتَرَضَتِ الْعَوَارِضُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْقَوَاعِدَ الْمَشْرُوعَةَ بِالْأَصْلِ إِذَا دَاخَلَتْهَا الْمُنَاكِرُ؛ كَالْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ، وَالْمُخَالَطَةِ، وَالْمُسَاكَنَةِ إِذَا كَثُرَ الْفَسَادُ فِي الْأَرْضِ وَاشْتَهَرَتِ الْمُنَاكِرُ، بِحَيْثُ صَارَ الْمُكَلَّفُ عِنْدَ أَخْذِهِ فِي حَاجَاتِهِ وَتَصَرُّفِهِ فِي أَحْوَالِهِ لَا يَسْلَمُ فِي الْغَالِبِ مِنْ لِقَاءِ الْمُنْكَرِ أَوْ مُلَابَسَتِهِ؛ فَالظَّاهِرُ يَقْتَضِي الْكَفَّ عَنْ كُلِّ مَا يُؤَدِّيهِ إِلَى هَذَا، وَلَكِنَّ الْحَقَّ يَقْتَضِي أَنْ لَا بُدَّ لَهُ مِنِ اقْتِضَاءِ حَاجَاتِهِ، كَانَتْ مَطْلُوبَةً بِالْجُزْءِ أَوْ بِالْكُلِّ، وَهَى إِمَّا مَطْلُوبٌ بِالْأَصْلِ2، وَإِمَّا خَادِمٌ لِلْمَطْلُوبِ بِالْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ إِنْ فُرِضَ الْكَفُّ عَنْ ذَلِكَ أَدَّى إِلَى التَّضْيِيقِ وَالْحَرَجِ3، أَوْ تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ، وَذَلِكَ مَرْفُوعٌ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ؛ فَلَا بُدَّ لِلْإِنْسَانِ مِنْ ذلك، لكن مع الكف عما