الموافقات (صفحة 1536)

بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، وَإِنَّمَا قُصَارَاهُ أَنْ يَصِيرَ إِلَى التَّشَابُهِ الْإِضَافِيِّ وَهُوَ الثَّانِي، أَوْ إِلَى التَّشَابُهِ الثَّالِثِ.

وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّكَ تَأْخُذُ كُلَّ عَالِمٍ فِي نَفْسِهِ وَمَا حَصَلَ لَهُ مِنْ عِلْمِ الشَّرِيعَةِ؛ فَلَا تَجِدُ عِنْدَهُ مِنَ الْأَدِلَّةِ الْمُتَشَابِهَةِ وَالنُّصُوصِ الْمُجْمَلَةِ إِلَّا النَّادِرَ الْقَلِيلَ1 لِأَنَّهُ أَخَذَ الشَّرِيعَةَ مَأْخَذًا اطَّرَدَتْ لَهُ فِيهِ، وَاسْتَمَرَّتْ أَدِلَّتُهَا عَلَى اسْتِقَامَةٍ، وَلَوْ كَانَ وُقُوعُ الْخِلَافِ فِي الْمَسَائِلِ يَسْتَلْزِمُ تَشَابُهَ أَدِلَّتِهَا؛ لَتَشَابَهَتْ عَلَى أَكْثَرِ النَّاسِ، وَلَمْ يَتَخَلَّصْ مِنْهَا بِالْبَيَانِ إِلَّا الْقَلِيلُ، وَالْأَمْرُ عَلَى ضِدِّ ذَلِكَ، وَمَا مِنْ مُجْتَهِدٍ إِلَّا وَهُوَ مُقِرٌّ بِوُضُوحِ أَدِلَّةِ الشَّرْعِ وَإِنْ وَقَعَ الْخِلَافُ فِي مَسَائِلِهَا، وَمُعْتَرِفٌ بِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} [آلِ عِمْرَانَ: 7] عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ فِيهِ؛ فَيَسْتَقْرِئُ مِنْ هَذَا إجماع عَلَى أَنَّ الْمُتَشَابِهَ فِي الشَّرِيعَةِ قَلِيلٌ؛ وَإِنِ اعْتَرَفُوا بِكَثْرَةِ الْخِلَافِ.

وَأَيْضًا؛ فَإِنَّ كُلَّ خِلَافٍ وَاقِعٍ لَا يَسْتَمِرُّ أَنْ يُعَدَّ فِي الْخِلَافِ، أَمَّا أَوَّلًا فَلَمَّا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْفِرَقَ الْخَارِجَةَ عَنِ السُّنَّةِ حِينَ لَمْ تَجْمَعْ2 بَيْنَ أَطْرَافِ الْأَدِلَّةِ تَشَابَهَتْ عَلَيْهَا الْمَآخِذُ فَضَلَّتْ، وَمَا ضَلَّتْ إِلَّا وَهَى غَيْرُ مُعْتَبِرَةِ الْقَوْلِ فِيمَا ضلت فيه؛ فخلافها لا يعد خلاف، وَهَكَذَا مَا جَرَى مَجْرَاهَا فِي الْخُرُوجِ عَنِ الجادة، وإلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015