الموافقات (صفحة 1534)

جابر الآية عما قبلها ما بَعْدَهَا، كَمَا قَطَعَ غَيْرُهُ الْخَاصَّ عَنِ الْعَامِّ وَالْمُقَيَّدَ عَنِ الْمُطْلَقِ؛ صَارَ الْمَوْضِعُ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ مِنَ الْمُتَشَابِهِ؛ فَكَانَ مِنْ حَقِّهِ التَّوَقُّفُ، لَكِنَّهُ اتَّبَعَ فِيهِ هَوَاهُ فَزَاغَ عَنْ مَعْنَى الْآيَةِ.

وَأَمَّا الثَّالِثُ؛ فَالتَّشَابُهُ فِيهِ لَيْسَ بِعَائِدٍ عَلَى الْأَدِلَّةِ، وَإِنَّمَا هُوَ عَائِدٌ عَلَى مَنَاطِ الْأَدِلَّةِ؛ فَالنَّهْيُ عَنْ أَكْلِ الْمَيْتَةِ وَاضِحٌ، وَالْإِذْنُ فِي أَكْلِ الذَّكِيَّةِ كَذَلِكَ، فَإِذَا اخْتَلَطَتِ الْمَيْتَةُ بِالذَّكِيَّةِ؛ حَصَلَ الِاشْتِبَاهُ فِي الْمَأْكُولِ لَا فِي الدَّلِيلِ عَلَى تَحْلِيلِهِ أَوْ تَحْرِيمِهِ، لَكِنْ جَاءَ الدَّلِيلُ الْمُقْتَضِي لِحُكْمِهِ فِي اشْتِبَاهِهِ، وَهُوَ الِاتِّقَاءُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْأَمْرُ، وَهُوَ أَيْضًا وَاضِحٌ لَا تَشَابُهَ فِيهِ، وَهَكَذَا سَائِرُ مَا دَخَلَ فِي هَذَا النَّوْعِ، مِمَّا يَكُونُ مَحَلُّ الِاشْتِبَاهِ فِيهِ الْمَنَاطَ لَا نَفْسَ الدَّلِيلِ؛ فَلَا مَدْخَلَ لَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ1.

فَصْلٌ

فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا؛ فَلْنَرْجِعْ إِلَى الْجَوَابِ عَنْ بَاقِي2 السُّؤَالِ، فَنَقُولُ:

قَدْ ظَهَرَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ التَّشَابُهَ بِاعْتِبَارِ وُقُوعِ الْأَدِلَّةِ مَعَ مَا يُعَارِضُهَا كَالْعَامِّ وَالْخَاصِّ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ قَلِيلٌ، وَأَنَّ مَا عُدَّ مِنْهُ غَيْرُ مَعْدُودٍ مِنْهُ، وَإِنَّمَا يُعَدُّ مِنْهُ التَّشَابُهُ الْحَقِيقِيُّ خَاصَّةً.

وَأَمَّا مَسَائِلُ الْخِلَافِ وَإِنْ كَثُرَتْ؛ فَلَيْسَتْ مِنَ الْمُتَشَابِهَاتِ بِإِطْلَاقٍ، بَلْ فِيهَا مَا هُوَ مِنْهَا وَهُوَ نَادِرٌ؛ كَالْخِلَافِ الْوَاقِعِ فِيمَا أَمْسَكَ عنه السلف الصالح فلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015