مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} ، وَيَقُولُونَ: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} [آل عمران: 8] ، فيتبرؤون إِلَى اللَّهِ مِمَّا ارْتَكَبَهُ أُولَئِكَ الزَّائِغُونَ؛ فَلِذَلِكَ صَارَ أَهْلُ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ مُحَكِّمِينَ لِلدَّلِيلِ عَلَى أَهْوَائِهِمْ، وَهُوَ أَصْلُ الشَّرِيعَةِ؛ لِأَنَّهَا إِنَّمَا جَاءَتْ لِتُخْرِجَ الْمُكَلَّفَ عَنْ هَوَاهُ حَتَّى يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ، وَأَهْلُ الْوَجْهِ الثَّانِي يُحَكِّمُونَ أَهْوَاءَهُمْ عَلَى الْأَدِلَّةِ حَتَّى تَكُونَ الْأَدِلَّةُ فِي أَخْذِهِمْ لَهَا تَبَعًا، وَتَفْصِيلُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ قَدْ مَرَّ مِنْهُ فِي كِتَابِ الْمَقَاصِدِ، وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ فِي كِتَابِ الِاجْتِهَادِ بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى.