الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ:
كُلُّ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ ثَبَتَ فِي الْكِتَابِ1 مُطْلَقًا غَيْرُ مُقَيِّدٍ، وَلَمْ يُجْعَلْ لَهُ قَانُونٌ وَلَا ضَابِطٌ مَخْصُوصٌ؛ فَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى مَعْنًى مَعْقُولٍ وُكِّلَ إِلَى نَظَرِ الْمُكَلَّفِ، وَهَذَا الْقِسْمُ أَكْثَرُ مَا تَجِدُهُ فِي الْأُمُورِ الْعَادِيَّةِ الَّتِي هِيَ مَعْقُولَةُ الْمَعْنَى؛ كَالْعَدْلِ، وَالْإِحْسَانِ، وَالْعَفْوِ، وَالصَّبْرِ، وَالشُّكْرِ فِي الْمَأْمُورَاتِ، وَالظُّلْمِ، وَالْفَحْشَاءِ، وَالْمُنْكِرِ، وَالْبَغْيِ، وَنَقْضِ الْعَهْدِ فِي الْمَنْهِيَّاتِ.
وَكُلُّ دَلِيلٍ ثَبَتَ فِيهَا2 مُقَيَّدًا غَيْرَ مُطْلَقٍ، وَجُعِلَ لَهُ قَانُونٌ وَضَابِطٌ؛ فَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى مَعْنًى تَعَبُّدِيٍّ لَا يَهْتَدِي إِلَيْهِ نَظَرُ الْمُكَلَّفِ لَوْ وُكِّلَ إِلَى نَظَرِهِ؛ إِذِ الْعِبَادَاتُ لَا مَجَالَ لِلْعُقُولِ فِي أَصْلِهَا فَضْلًا عَنْ كَيْفِيَّاتِهَا3، وَكَذَلِكَ فِي الْعَوَارِضِ الطَّارِئَةِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ جَنْسِهَا، وَأَكْثَرُ مَا يُوجَدُ فِي الْأُمُورِ الْعِبَادِيَّةِ وَهَذَا الْقِسْمُ الثَّانِي كَثِيرٌ فِي الْأُصُولِ الْمَدَنِيَّةِ4؛ لِأَنَّهَا فِي الْغَالِبِ تَقْيِيدَاتٌ لِبَعْضِ مَا تَقَدَّمَ إِطْلَاقُهُ، أَوْ إِنْشَاءُ أَحْكَامٍ وَارِدَاتٍ عَلَى أَسْبَابٍ جُزْئِيَّةٍ، وَيَتَبَيَّنُ ذلك بإيراد مسألة مستأنفة.