وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَفْعَالَ الْمُتَلَازِمَةَ؛ إِمَّا أَنْ يَصِيرَ أَحَدُهَا وَصْفًا لِلْآخَرِ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ الثَّانِي؛ فَلَا تَلَازُمَ؛ كَتَرْكِ الصَّلَاةِ مَعَ تَرْكِ الزِّنَى أَوِ السَّرِقَةِ، فَإِنَّ أَحَدَ التَّرْكَيْنِ لَا يَصِيرُ كَالْوَصْفِ لِلْآخَرِ؛ لِعَدَمِ التَّزَاحُمِ فِي الْعَمَلِ، إِذْ كَانَ يُمْكِنُ الْمُكَلَّفَ التَّرْكُ لِكُلِّ فِعْلٍ مَشْرُوعٍ أَوْ غَيْرِ مَشْرُوعٍ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مُتَزَاحِمَيْنِ1 عَلَى الْمُكَلَّفِ وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُمَا رَاجِعَانِ إِلَى أَمْرٍ سَلْبِيٍّ وَالسَّلْبِيَّاتُ اعْتِبَارِيَّاتٌ لَا حَقِيقِيَّةٌ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ؛ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ وَصْفًا سَلْبِيًّا أَوْ وُجُودِيًّا، فَإِنْ كَانَ سَلْبِيًّا؛ فَإِمَّا أَنْ يَثْبُتَ اعْتِبَارُهُ فِيهِ شَرْعًا عَلَى الْخُصُوصِ، أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ؛ فَلَا إِشْكَالَ فِي اعْتِبَارِ الصُّورَةِ الْخَارِجِيَّةِ2؛ كَتَرْكِ الطَّهَارَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَتَرْكِ الِاسْتِقْبَالِ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي؛ فَلَا اعْتِدَادَ بِالْوَصْفِ السَّلْبِيِّ؛ كَتَرْكِ قَضَاءِ الدَّيْنِ مَعَ فِعْلِ الصَّلَاةِ فِيمَنْ فَرَّ مِنْ قَضَائِهِ إِلَى الصَّلَاةِ، [فَإِنَّ الصَّلَاةَ] 3 وَإِنْ وُصِفَتْ بِأَنَّهَا فِرَارٌ مِنْ وَاجِبٍ؛ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِوَصْفٍ لَهَا إِلَّا اعْتِبَارِيًّا تَقْدِيرِيًّا، لَا حَقِيقَةَ لَهُ فِي الْخَارِجِ، وَإِنْ كَانَ الْوَصْفُ وُجُودِيًّا؛ فَهَذَا هُوَ مَحَلُّ النَّظَرِ؛ كَالصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ، وَالذَّبْحِ بِالسِّكِّينِ الْمَغْصُوبَةِ، وَالْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ لِأَوْصَافٍ فِيهَا خَارِجَةٍ عَنْ حَقَائِقِهَا، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
فَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّرُوكَ مِنْ حَيْثُ هِيَ تُرُوكٌ لا تتلازم في الخارج، وكذلك