الموافقات (صفحة 1430)

الِاخْتِلَافُ، فَلَمَّا وَقَعَ؛ فُهِمَ أَنَّهُ مِنْ جِهَةِ ماله خُرُوجٌ عَنِ الْمَعْقُولِ وَلَوْ بِوَجْهٍ مَا.

فَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ فَوَاتِحَ السُّوَرِ لِلنَّاسِ فِي تَفْسِيرِهَا مَقَالٌ1 بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مِمَّا يَعْلَمُهُ الْعُلَمَاءُ، وَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ مِمَّا لَا يَعْلَمُهُ الْعُلَمَاءُ أَلْبَتَّةَ؛ فَلَيْسَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ تَكْلِيفٌ عَلَى حَالٍ، فَإِذَا خَرَجَ عَنْ ذَلِكَ؛ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ دَلِيلًا عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْأَعْمَالِ، فَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ، وَإِنْ سَلِمَ؛ فَالْقِسْمُ الَّذِي2 لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى فِي الشَّرِيعَةِ نَادِرٌ، وَالنَّادِرُ لَا حُكْمَ لَهُ، وَلَا تَنْخَرِمُ بِهِ الْكُلِّيَّةُ الْمُسْتَدَلُّ عَلَيْهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَهْتَدِي الْعَقْلُ إِلَى فَهْمِهِ، وَلَيْسَ كلامنها فِيهِ، إِنَّمَا الْكَلَامُ عَلَى مَا يُؤَدِّي مَفْهُومًا لَكِنْ عَلَى خِلَافِ الْمَعْقُولِ، وَفَوَاتِحُ السُّوَرِ خَارِجَةٌ عَنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّا نَقْطَعُ أَنَّهَا لَوْ بُيِّنَتْ لَنَا مَعَانِيَهَا؛ لَمْ تَكُنْ إِلَّا عَلَى مُقْتَضَى الْعُقُولِ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.

وَعَنِ الثَّانِي3 أَنَّ الْمُتَشَابِهَاتِ لَيْسَتْ مِمَّا تُعَارِضُ مُقْتَضَيَاتِ الْعُقُولِ وَإِنْ تَوَهَّمَ بَعْضُ النَّاسِ فِيهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَنْ تَوَهَّمَ فِيهَا ذَلِكَ؛ فَبِنَاءً عَلَى اتِّبَاعِ هَوَاهُ، كَمَا نَصَّتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015