الموافقات (صفحة 1412)

وَرَدَّتْ أَيْضًا خَبَرَ ابْنِ عُمَرَ فِي الشُّؤْمِ، وَقَالَتْ: "إِنَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُ عَنْ أَقْوَالِ الْجَاهِلِيَّةِ"1؛ لِمُعَارَضَتِهِ الْأَصْلَ الْقَطْعِيَّ، أَنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ، وَأَنَّ شَيْئًا مِنَ الْأَشْيَاءِ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا، وَلَا طيرة ولا عدوى.

وقد اخْتَلَفُوا عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ حِينَ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ، فَأُخْبِرَ أَنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِهَا، فَاسْتَشَارَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ؛ فَاخْتَلَفُوا عَلَيْهِ إِلَّا مُهَاجِرَةُ الْفَتْحِ، فَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى رُجُوعِهِ؛ فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَفِرارًا مَنْ قَدَرِ اللَّهِ؟ "؛ فَهَذَا اسْتِنَادٌ فِي رَأْيٍ اجْتِهَادِيٍّ إِلَى أَصْلٍ قَطْعِيٍّ، قَالَ عُمَرُ: "لَوْ غَيْرَكَ قَالَهَا يَا أَبَا عُبَيْدَةَ! نَعَمْ، نَفِرُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ إِلَى قَدَرِ اللَّهِ"2؛ فَهَذَا اسْتِنَادٌ إِلَى أَصْلٍ قَطْعِيٍّ أَيْضًا، وَهُوَ أَنَّ الْأَسْبَابَ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ، ثُمَّ مَثَّلَ ذَلِكَ بِرَعْيِ الْعُدْوَةِ الْمُجْدِبَةِ وَالْعُدْوَةِ الْمُخْصِبَةِ، وَأَنَّ الْجَمِيعَ بِقَدَرِ اللَّهِ، ثُمَّ أَخْبَرَ بحديث2 الوباء الحاوي لاعتبار الأصلين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015