الموافقات (صفحة 1374)

لِلَّهِ فِي الْعِبَادَةِ؛ لِمَا سَاغَ الْقَصْدُ إِلَيْهِ بِالْعِبَادَةِ، مَعَ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ أَرْبَابِ الْأَحْوَالِ يَعْزُبُ عَنْهُمْ هَذَا الْقَصْدُ؛ فَكَيْفَ يُجْعَلَانِ مَثَلَيْنِ؟ أَعْنِي طَلَبَ الْخَوَارِقِ بِالدُّعَاءِ مَعَ الْقَصْدِ إِلَيْهَا بِالْعِبَادَةِ، مَا أَبْعَدَ مَا بَيْنَهُمَا لِمَنْ تَأْمَّلَ!

وَالثَّانِي:

أَنَّهُ لَوْ لَمْ نَجِدْ مَا نَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ1؛ لَكَانَ لَنَا بَعْضُ الْعُذْرِ فِي التَّخَطِّي عَنْ عَالَمِ الشَّهَادَةِ إِلَى عَالَمِ الْغَيْبِ؛ فَكَيْفَ وَفِي عَالَمِ الشَّهَادَةِ مِنَ الْعَجَائِبِ وَالْغَرَائِبِ الْقَرِيبَةِ الْمَأْخَذِ، السَّهْلَةِ الْمُلْتَمَسِ مَا يَفْنَى الدَّهْرُ وَهِيَ بَاقِيَةٌ، لَمْ يُبْلَغْ مِنْهَا فِي الِاطِّلَاعِ وَالْمَعْرِفَةِ عُشْرُ الْمِعْشَارِ، وَلَوْ نَظَرَ الْعَاقِلُ فِي أَقَلِّ الْآيَاتِ2، وَأَذَلِّ الْمَخْلُوقَاتِ، وَمَا أَوْدَعَ بَارِيهَا فِيهَا مِنَ الْحِكَمِ وَالْعَجَائِبِ؛ لَقَضَى الْعَجَبَ، وَانْتَهَى إِلَى الْعَجْزِ فِي إِدْرَاكِهِ3، وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ أَنْ تَنْظُرَ فِيهِ؛ كَقَوْلِهِ: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} [الْأَعْرَافِ: 185] .

{أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْأِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ، وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ} [الْغَاشِيَةِ: 17-18] إِلَى آخِرِهَا.

{أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ} [ق: 6] إِلَى تمام الآيات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015