فَلَا يَبْقَى بَعْدَ هَذَا التَّقْرِيرِ حَقٌّ وَاحِدٌ يَكُونُ الْعَبْدُ فِيهِ مُخَيَّرًا؛ فَقِسْمُ الْعَبْدِ إِذَا ذَاهِبٌ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا قِسْمٌ وَاحِدٌ.
فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا الْقِسْمَ الْوَاحِدَ هُوَ الْمُنْقَسِمُ؛ لِأَنَّ مَا هُوَ حَقٌّ لِلْعَبْدِ إِنَّمَا ثَبَتَ كَوْنُهُ حَقًّا لَهُ بِإِثْبَاتِ الشَّرْعِ ذَلِكَ لَهُ، لَا بِكَوْنِهِ مُسْتَحِقًّا لِذَلِكَ بِحُكْمِ الْأَصْلِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ1 هذا المعنى مبسوطًا في الْكِتَابِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ؛ فَمِنْ هُنَا ثَبَتَ لِلْعَبْدِ حَقٌّ وَلِلَّهِ حَقٌّ.
فَأَمَّا مَا هُوَ لِلَّهِ صِرْفًا2؛ فَلَا مَقَالَ فِيهِ لِلْعَبْدِ.
وَأَمَّا مَا هُوَ لِلْعَبْدِ؛ فَلِلْعَبْدِ فِيهِ الِاخْتِيَارُ مِنْ حَيْثُ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ، لَا مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ بِالِاخْتِيَارِ، وَقَدْ ظَهَرَ بِمَا تَقَدَّمَ آنِفًا تَخْيِيرُ الْعَبْدِ فِيمَا هُوَ حَقُّهُ عَلَى الْجُمْلَةِ، وَيَكْفِيكَ مِنْ ذَلِكَ اخْتِيَارُهُ فِي أَنْوَاعِ الْمُتَنَاوَلَاتِ مِنَ الْمَأْكُولَاتِ وَالْمَشْرُوبَاتِ وَالْمَلْبُوسَاتِ وَغَيْرِهَا مِمَّا هُوَ حَلَالٌ لَهُ، وَفِي أَنْوَاعِ الْبُيُوعِ وَالْمُعَامَلَاتِ وَالْمُطَالَبَاتِ بِالْحُقُوقِ؛ فَلَهُ إِسْقَاطُهَا وَلَهُ الِاعْتِيَاضُ3 منها والتصرف فيما بيده من