الموافقات (صفحة 1311)

الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ:

كُلُّ مُكَلَّفٍ بِمَصَالِحِ غَيْرِهِ؛ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَقْدِرَ مَعَ ذَلِكَ عَلَى الْقِيَامِ بِمَصَالِحِ نَفْسِهِ أَوْ لَا "أَعْنِي الْمَصَالِحَ الدُّنْيَوِيَّةَ الْمُحْتَاجَ إِلَيْهَا"، فَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ؛ فَلَيْسَ عَلَى الْغَيْرِ الْقِيَامُ بِمَصَالِحِهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى الْجَمِيعِ، وَقَدْ وَقَعَ عَلَيْهِ التَّكْلِيفُ بِذَلِكَ؛ فَالْمَصَالِحُ الْمَطْلُوبَةُ مِنْ ذَلِكَ التَّكْلِيفِ حَاصِلَةٌ مِنْ جِهَةِ هَذَا الْمُكَلَّفِ، فَطَلَبُ تَحْصِيلِهَا مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ طَلَبُ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ، وَهُوَ مُحَالٌ.

وَأَيْضًا؛ فَمَا تَقَدَّمَ1 فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا جارٍ هُنَا، وَمِثَالُ ذَلِكَ السَّيِّدُ، وَالزَّوْجُ، وَالْوَالِدُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَمَةِ أَوِ الْعَبْدِ، وَالزَّوْجَةُ، وَالْأَوْلَادُ، فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ بِمَصَالِحِهِ وَمَصَالِحِ مَنْ تَحْتَ حُكْمِهِ؛ لَمْ يُطْلَبْ غَيْرُهُ بِالْقِيَامِ عَلَيْهِ وَلَا كُلِّفَ بِهِ، فَإِذَا فَرَضْنَا أَنَّهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى مَصَالِحِ غَيْرِهِ؛ سَقَطَ عَنْهُ الطَّلَبُ بِهَا، وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي دُخُولِ الضَّرَرِ عَلَى الزَّوْجَةِ وَالْعَبْدِ وَالْأَمَةِ، يُنْظَرُ فِيهِ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى2 لَا تَقْدَحُ في هذا التقدير.

وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ أَلْبَتَّةَ، أَوْ قَدَرَ لَكِنْ مَعَ مَشَقَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ فِي إِسْقَاطِ التَّكْلِيفِ؛ فَلَا يَخْلُو أَنْ تَكُونَ الْمَصَالِحُ الْمُتَعَلِّقَةُ مِنْ جِهَةِ الْغَيْرِ خَاصَّةً أَوْ عَامَّةً، فَإِنْ كانت خاصة سقطت، وكانت مصالحه هي المتقدمة؛ لِأَنَّ حَقَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ غَيْرِهِ شَرْعًا، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْقِسْمِ الرَّابِعِ، مِنَ الْمَسْأَلَةِ الْخَامِسَةِ، فَإِنَّ مَعْنَاهُ جارٍ هُنَا عَلَى اسْتِقَامَةٍ، إِلَّا إِذَا أَسْقَطَ حَظَّهُ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ نَظَرٌ آخر قد تبين أيضا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015