الموافقات (صفحة 1297)

صَحِيحًا، وَيَكُونُ عَاصِيًا بِالطَّرَفِ الْآخَرِ، وَضَامِنًا إِنْ كَانَ ثَمَّ ضَمَانٌ، وَلَا تَضَادَّ فِي الْأَحْكَامِ لِتَعَدُّدِ جِهَاتِهَا، وَمَنْ قَالَ هُنَالِكَ بِالْفَسَادِ يَقُولُ بِهِ هُنَا، وَلَهُ فِي النَّظَرِ الْفِقْهِيِّ مَجَالٌ رَحْبٌ يَرْجِعُ ضَابِطُهُ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى1، هَذَا مِنْ جِهَةِ إِثْبَاتِ الْحُظُوظِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَصْحَابَ إِسْقَاطِهَا لَا يَدْخُلُونَ تَحْتَ عَمَلٍ هَذَا شَأْنُهُ أَلْبَتَّةَ.

وَأَمَّا السَّادِسُ:

وَهُوَ مَا يَكُونُ أَدَاؤُهُ إِلَى الْمَفْسَدَةِ نَادِرًا؛ فَهُوَ عَلَى أَصْلِهِ مِنَ الْإِذْنِ، لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ إِذَا كَانَتْ غَالِبَةً؛ فَلَا اعْتِبَارَ بِالنُّدُورِ فِي انْخِرَامِهَا، إِذْ لَا تُوجَدُ فِي الْعَادَةِ مَصْلَحَةٌ عَرِيَّةٌ عَنِ الْمَفْسَدَةِ جُمْلَةً؛ إِلَّا أَنَّ الشَّارِعَ إِنَّمَا اعْتَبَرَ فِي مَجَارِي الشَّرْعِ غَلَبَةَ الْمَصْلَحَةِ، وَلَمْ يَعْتَبِرْ نَدُورَ الْمَفْسَدَةِ إِجْرَاءً لِلشَّرْعِيَّاتِ مَجْرَى الْعَادِيَّاتِ فِي الْوُجُودِ، وَلَا يُعَدُّ هُنَا قَصْدُ الْقَاصِدِ إِلَى جَلْبِ الْمَصْلَحَةِ أَوْ دَفْعِ الْمَفْسَدَةِ -مَعَ مَعْرِفَتِهِ بِنُدُورِ الْمَضَرَّةِ عَنْ ذَلِكَ- تَقْصِيرًا فِي النَّظَرِ، وَلَا قَصْدًا إِلَى وُقُوعِ الضَّرَرِ، فَالْعَمَلُ إِذًا بَاقٍ عَلَى أَصْلِ الْمَشْرُوعِيَّةِ.

وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ ضَوَابِطَ الْمَشْرُوعَاتِ هَكَذَا وَجَدْنَاهَا؛ كَالْقَضَاءِ بِالشَّهَادَةِ فِي الدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ وَالْفُرُوجِ، مَعَ إِمْكَانِ الْكَذِبِ وَالْوَهْمِ وَالْغَلَطِ، وَإِبَاحَةِ الْقَصْرِ فِي الْمَسَافَةِ الْمَحْدُودَةِ، مَعَ إِمْكَانِ عَدَمِ الْمَشَقَّةِ كَالْمَلِكِ الْمُتَرَفِّهِ، وَمَنْعِهِ فِي الْحَضَرِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى ذَوِي الصَّنَائِعِ الشَّاقَّةِ2، وَكَذَلِكَ إِعْمَالُ الخير الواحد3.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015