الموافقات (صفحة 1295)

بِمَحْمُودٍ شَرْعًا؛ فَلِأَنَّ إِسْقَاطَ الْحُظُوظِ إِمَّا لِمُجَرَّدِ أَمْرِ الْآمِرِ، وَإِمَّا لِأَمْرٍ آخَرَ، أَوْ لِغَيْرِ شَيْءٍ؛ فَكَوْنُهُ لِغَيْرِ شَيْءٍ عَبَثٌ لَا يَقَعُ مِنَ الْعُقَلَاءِ، وَكَوْنُهُ لِأَمْرِ الْآمِرِ يُضَادُّ كَوْنَهُ مُخِلًّا بِمَقْصِدٍ شَرْعِيٍّ؛ لِأَنَّ الْإِخْلَالَ بِذَلِكَ لَيْسَ بِأَمْرِ الْآمِرِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ؛ فَهُوَ مُخَالِفٌ لَهُ، وَمُخَالَفَةُ أَمْرِ الْآمِرِ ضِدُّ الْمُوَافَقَةِ لَهُ؛ فَثَبَتَ أَنَّهُ لِأَمْرٍ ثَالِثٍ، وَهُوَ الْحَظُّ، وَقَدْ مَرَّ بَيَانُ الْحَصْرِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ مَسْأَلَةِ إِسْقَاطِ الْحُظُوظِ، هَذَا تَمَامُ الْكَلَامِ فِي الْقِسْمِ الرَّابِعِ، وَمِنْهُ يُعْرَفُ حُكْمُ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى إِسْقَاطِ الْحُظُوظِ.

وَأَمَّا الْقِسْمُ الْخَامِسُ:

وَهُوَ أَنْ لَا يَلْحَقَ الْجَالِبَ أَوِ الدَّافِعَ ضَرَرٌ، وَلَكِنْ أَدَاؤُهُ إِلَى الْمَفْسَدَةِ قَطْعِيٌّ عَادَةً؛ فَلَهُ نَظَرَانِ:

نَظَرٌ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ قَاصِدًا لِمَا يَجُوزُ أَنْ يُقْصَدَ شَرْعًا، مِنْ غَيْرِ قَصْدِ إِضْرَارٍ بِأَحَدٍ؛ فَهَذَا مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ جَائِزٌ لَا مَحْظُورَ فِيهِ.

وَنَظَرٌ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ عَالِمًا بِلُزُومِ مَضَرَّةِ الْغَيْرِ لِهَذَا الْعَمَلِ الْمَقْصُودِ، مَعَ عَدَمِ اسْتِضْرَارِهِ بِتَرْكِهِ؛ فَإِنَّهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مَظِنَّةٌ لِقَصْدِ الْإِضْرَارِ؛ لِأَنَّهُ فِي فِعْلِهِ إِمَّا فَاعِلٌ لِمُبَاحٍ صِرْفٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِفِعْلِهِ مَقْصِدٌ ضَرُورِيٌّ وَلَا حَاجِيٌّ وَلَا تَكْمِيلِيٌّ؛ فَلَا قَصْدَ لِلشَّارِعِ فِي إِيقَاعِهِ مِنْ حَيْثُ يُوقَعُ، وَإِمَّا فَاعِلٌ لِمَأْمُورٍ بِهِ عَلَى وَجْهٍ يَقَعُ فِيهِ مَضَرَّةٌ، مَعَ إِمْكَانِ فِعْلِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَلْحَقُ فِيهِ مَضَرَّةٌ، وَلَيْسَ لِلشَّارِعِ قَصْدٌ فِي وُقُوعِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَلْحَقُ بِهِ الضَّرَرُ دُونَ الْآخَرِ.

وَعَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ؛ فَتَوَخِّيهِ لِذَلِكَ الْفِعْلِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ مَعَ1 الْعِلْمِ بِالْمَضَرَّةِ لَا بُدَّ فِيهِ [مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا تَقْصِيرٌ2 فِي] 3 النَّظَرِ الْمَأْمُورِ به وذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015