الموافقات (صفحة 127)

لَا يُقَالُ: يَلْزَمُ عَلَى هَذَا اعْتِبَارُ كُلِّ مَصْلَحَةٍ مُوَافِقَةٍ لِمَقْصِدِ الشَّارِعِ أَوْ مُخَالِفَةٍ، وَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَا بُدَّ مِنِ اعْتِبَارِ الْمُوَافَقَةِ لِقَصْدِ الشَّارِعِ؛ لِأَنَّ الْمَصَالِحَ إِنَّمَا اعْتُبِرَتْ مَصَالِحَ مِنْ حَيْثُ وَضَعَهَا الشَّارِعُ كَذَلِكَ, حَسْبَمَا هو مذكور فِي مَوْضِعِهِ1 مِنْ هَذَا الْكِتَابِ [بِحَوْلِ اللَّهِ] 2.

فَصْلٌ

وَقَدْ أَدَّى عَدَمُ الِالْتِفَاتِ إِلَى هَذَا الْأَصْلِ وَمَا قَبْلَهُ إِلَى أَنْ ذَهَبَ بَعْضُ الْأُصُولِيِّينَ إِلَى أَنَّ كَوْنَ الْإِجْمَاعِ حُجَّةً ظَنِّيٌّ لَا قَطْعِيٌّ3؛ إِذْ لَمْ يَجِدْ في آحاد الأدلة بانفرادها4 مَا يُفِيدُهُ الْقَطْعُ، فَأَدَّاهُ ذَلِكَ إِلَى مُخَالَفَةِ مَنْ قَبْلَهُ مِنَ الْأُمَّةِ5 وَمَنْ بَعْدَهُ، وَمَالَ أَيْضًا بِقَوْمٍ آخَرِينَ إِلَى تَرْكِ الِاسْتِدْلَالِ بِالْأَدِلَّةِ اللَّفْظِيَّةِ فِي الْأَخْذِ بِأُمُورٍ عَادِيَّةٍ، أَوِ الِاسْتِدْلَالِ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى الْإِجْمَاعِ6، وَكَذَلِكَ مَسَائِلُ أُخَرُ غَيْرُ الْإِجْمَاعِ عَرَضَ فِيهَا [هَذَا الْإِشْكَالَ فَادَّعَى فِيهَا] 7 أَنَّهَا ظَنِّيَّةٌ، وَهِيَ قَطْعِيَّةٌ بِحَسَبِ هَذَا التَّرْتِيبِ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ، وَهُوَ وَاضِحٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015