فَإِنْ قِيلَ: لَوْ جَازَ ذَلِكَ لَمْ نقضِ بِالتَّعَدِّي1 عَلَى حَالٍ، فَإِنَّا إِذَا جَوَّزْنَا وُجُودَ حِكْمَةٍ أَوْ مَصْلَحَةٍ أُخْرَى، لَمْ نَجْزِمْ بِأَنَّ الْحُكْمَ لَهَا2؛ فَقَطْ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ جُزْءَ علة3، أو لجواز خلو الْفَرْعِ عَنْ تِلْكَ الْحِكْمَةِ الَّتِي جَهِلْنَاهَا وَإِنْ وُجِدَتْ فِيهِ الْعِلَّةُ الَّتِي عَلِمْنَاهَا، فَإِذَا أَمْكَنَ ذَلِكَ، لَمْ يَصِحَّ الْإِلْحَاقُ وَالتَّفْرِيعُ حَتَّى نَتَحَقَّقَ أَنْ لَا عِلَّةَ سِوَى مَا ظَهَرَ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ لَا سَبِيلَ إِلَى الْقِيَاسِ وَلَا الْقَضَاءِ بِأَنَّ ذَلِكَ الْحُكْمَ مَشْرُوعٌ لِتِلْكَ الْعِلَّةِ.
فَالْجَوَابُ أَنَّ الْقَضَاءَ بِالتَّعَدِّي لَا يُنَافِي جَوَازَ4 التَّعَبُّدِ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ قَدْ صَحَّ كَوْنُهُ دَلِيلًا شَرْعِيًّا، وَلَا يَكُونُ شَرْعِيًّا إِلَّا عَلَى وَجْهٍ نَقْدِرُ عَلَى الْوَفَاءِ بِهِ عَادَةً، وَذَلِكَ إِذَا ظَهَرَ لَنَا عِلَّةٌ تَصْلُحُ لِلِاسْتِقْلَالِ بِشَرْعِيَّةِ الْحُكْمِ، وَلَمْ نُكَلَّفْ أَنْ نَنْفِيَ مَا عداها،