الموافقات (صفحة 1171)

عَدَمِ اهْتِدَائِهِمْ؛ فَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الْإِسْرَاءِ: 15] .

وَقَالَ تَعَالَى: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُل} [النساء: 165] .

والحجة ها هنا هِيَ الَّتِي أَثْبَتَهَا الشَّرْعُ فِي رَفْعِ تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا؛ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنَ الرُّجُوعِ فِي هَذَا الْبَابِ إِلَى مُجَرَّدِ مَا حَدَّهُ الشَّارِعُ، وَهُوَ مَعْنَى التَّعَبُّدِ؛ وَلِذَلِكَ كَانَ الْوَاقِفُ مَعَ مُجَرَّدِ الِاتِّبَاعِ فِيهِ أَوْلَى بِالصَّوَابِ، وَأَجْرَى عَلَى طَرِيقَةِ السَّلَفِ الصَّالِحِ، وَهُوَ رَأْيُ مَالِكٍ1 رَحِمَهُ اللَّهُ؛ إِذْ لَمْ يَلْتَفِتْ فِي رَفْعِ الْأَحْدَاثِ إِلَى مُجَرَّدِ النَّظَافَةِ حَتَّى اشْتَرَطَ النِّيَّةَ وَالْمَاءَ الْمُطْلَقَ، وَإِنْ حَصَلَتِ النَّظَافَةُ بِغَيْرِ ذَلِكَ، وَامْتَنَعَ مِنْ إِقَامَةِ غَيْرِ التَّكْبِيرِ مَقَامَهُ وَالتَّسْلِيمِ كَذَلِكَ، وَمَنَعَ مِنْ إِخْرَاجِ الْقِيَمِ فِي الزَّكَاةِ، وَاقْتَصَرَ عَلَى مُجَرَّدِ الْعَدَدِ فِي الْكَفَّارَاتِ؛ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مُبَالَغَاتِهِ الشَّدِيدَةِ فِي الْعِبَادَاتِ الَّتِي تَقْتَضِي الِاقْتِصَارَ عَلَى مَحْضِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ أَوْ مَا مَاثَلَهُ، فَيَجِبُ أَنَّ يُؤْخَذَ فِي هَذَا الضَّرْبِ التَّعَبُّدُ دُونَ الِالْتِفَاتِ إِلَى الْمَعَانِي أَصْلًا يبنى2 عليه، وركنا يُلجأ إليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015