الموافقات (صفحة 1163)

الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ 1:

الْمَفْهُومُ مِنْ وَضْعِ الشَّارِعِ أَنَّ الطَّاعَةَ أَوِ الْمَعْصِيَةَ تَعْظُمُ بِحَسَبِ عِظَمِ الْمَصْلَحَةِ أَوِ الْمَفْسَدَةِ النَّاشِئَةِ عَنْهَا، وَقَدْ عُلِمَ مِنَ الشَّرِيعَةِ أَنَّ أَعْظَمَ الْمَصَالِحِ جريانُ الْأُمُورِ الضَّرُورِيَّةِ الْخَمْسَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي كُلِّ مِلَّةٍ، وَأَنَّ أَعْظَمَ الْمَفَاسِدِ مَا يَكِرُّ2 بِالْإِخْلَالِ عَلَيْهَا.

وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا جَاءَ مِنَ الْوَعِيدِ عَلَى الْإِخْلَالِ بِهَا؛ كَمَا فِي الْكُفْرِ وقتلِ النَّفْسِ وَمَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ، وَالزِّنَى وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَمَا يَرْجِعُ إِلَى ذَلِكَ مِمَّا وُضِعَ لَهُ حَدٌّ أَوْ وَعِيدٌ3، بِخِلَافِ مَا كَانَ رَاجِعًا إِلَى حَاجِيٍّ أَوْ تَكْمِيلِيٍّ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَخْتَصَّ بِوَعِيدٍ فِي نَفْسِهِ، وَلَا بِحَدٍّ مَعْلُومٍ يَخُصُّهُ؛ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ؛ فَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى أَمْرٍ ضَرُورِيٍّ، وَالِاسْتِقْرَاءِ يُبَيِّنُ ذَلِكَ؛ فَلَا حَاجَةَ إِلَى بَسْطِ الدَّلِيلِ عَلَيْهِ.

إِلَّا أَنَّ الْمَصَالِحَ وَالْمَفَاسِدَ ضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا:

مَا بِهِ صَلَاحُ الْعَالَمِ أَوْ فَسَادِهِ، كَإِحْيَاءِ النَّفْسِ فِي الْمَصَالِحِ، وَقَتْلِهَا فِي الْمَفَاسِدِ.

وَالثَّانِي:

مَا بِهِ كَمَالُ ذَلِكَ الصَّلَاحِ أَوْ ذَلِكَ الْفَسَادِ، وَهَذَا الثَّانِي لَيْسَ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ بَلْ هُوَ عَلَى مَرَاتِبَ، وَكَذَلِكَ الْأَوَّلُ عَلَى مَرَاتِبَ أَيْضًا، فَإِنَّا إِذَا نَظَرْنَا إِلَى الْأَوَّلِ وَجَدْنَا الدِّينَ أَعْظَمَ الْأَشْيَاءِ، وَلِذَلِكَ يُهْمَلُ فِي جَانِبِهِ النَّفْسُ وَالْمَالُ وَغَيْرُهُمَا4، ثُمَّ النَّفْسَ، وَلِذَلِكَ يُهْمَلُ فِي جَانِبِهَا اعْتِبَارُ قِوَامِ النسل والعقل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015