الموافقات (صفحة 1153)

كَعَدَمِهَا؛ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَخَافَةٌ مِنْ مَخُوفٍ مَخْلُوقٍ، [وَلَا رَجَاءٌ فِي مرجوِّ مَخْلُوقٍ] 1؛ إِذْ لَا مَخُوفَ وَلَا مرجوَّ إِلَّا اللَّهُ، فَلَيْسَ هَذَا إِلْقَاءٌ بِالْيَدِ إِلَى التَّهْلُكَةِ، وَإِنَّمَا كَانَ يَكُونُ كَذَلِكَ لَوْ حَصَلَ فِي اعْتِقَادِهِ أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَتَزَوَّدْ هَلَكَ، وَإِنْ قَارَبَ السَّبُعَ هَلَكَ، وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ، فَلَا؛ عَلَى أَنَّهُ قَدْ شَرَطَ الْغَزَالِيُّ2 فِي دُخُولِ الْبَرِّيَّةِ بِلَا زَادٍ اعْتِيَادَ3 الصَّبْرِ وَالِاقْتِيَاتِ بِالنَّبَاتِ، وَكُلُّ هَذَا رَاجِعٌ إِلَى حُكْمٍ عَادِيٍّ.

وَلَعَلَّكَ تَجِدُ مَخْرَجًا فِي كُلِّ مَا يَظْهَرُ عَلَى أيدي الأولياء الذين ثَبَتَتْ وِلَايَتُهُمْ، بِحَيْثُ يُرْجَعُ إِلَى الْأَحْكَامِ الْعَادِيَّةِ؛ بَلْ لَا تَجِدُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ إِلَّا كَذَلِكَ.

فَصْلٌ:

وَأَمَّا إِنْ كَانَ مَا بَنَوْا عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْعَادِيِّ، كَالْمُكَاشَفَةِ، فَهَلْ يَكُونُ حُكْمُهُمْ فِيهِ حُكْمَ أَهْلِ الْعَادَاتِ الْجَارِيَةِ، بِحَيْثُ يُطْلَبُونَ بِالرُّجُوعِ إِلَى مَا عَلَيْهِ النَّاسُ؟ أَمْ يُعَامَلُونَ مُعَامَلَةً أُخْرَى خَارِجَةً عَنْ أَحْكَامِ أَهْلِ الْعَوَائِدِ الظَّاهِرَةِ فِي النَّاسِ، وَإِنْ كَانَتْ مُخَالِفَةً فِي الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّهَا فِي تَحْقِيقِ الْكَشْفِ الْغَيْبِيِّ مُوَافِقَةٌ لَا مُخَالِفَةٌ.

وَالَّذِي يَطَّرِدُ بِحَسَبِ مَا ثَبَتَ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ وَمَا قَبْلَهَا أَنْ لَا يَكُونُ حُكْمُهُمْ مُخْتَصًّا، بَلْ يُرَدُّونَ إِلَى أَحْكَامِ أَهْلِ الْعَوَائِدِ الظَّاهِرَةِ وَيَطْلُبُهُمُ الْمُرَبِّي بِذَلِكَ حَتْمًا، وَقَدْ مَرَّ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى ذَلِكَ، وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَيْهِ أَيْضًا أَوْجُهٌ:

أَحَدُهَا:

أَنَّ الْأَحْكَامَ لَوْ وُضِعَتْ عَلَى حكم انخراق العوائد لم تنتظم لها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015