الموافقات (صفحة 1149)

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ:

الْعَوَائِدُ الْمُسْتَمِرَّةُ ضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا:

الْعَوَائِدُ الشَّرْعِيَّةُ الَّتِي أَقَرَّهَا الدَّلِيلُ الشَّرْعِيُّ أَوْ نَفَاهَا، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الشَّرْعُ أَمَرَ بِهَا إِيجَابًا أَوْ نَدْبًا، أَوْ نَهَى عَنْهَا كَرَاهَةً أَوْ تَحْرِيمًا، أَوْ أَذِنَ فِيهَا فِعْلًا وَتَرْكًا.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي:

هِيَ الْعَوَائِدُ الْجَارِيَةُ بَيْنَ الْخَلْقِ بِمَا لَيْسَ فِي نَفْيِهِ وَلَا إِثْبَاتِهِ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ.

فَأَمَّا الْأَوَّلُ، فَثَابِتٌ أَبَدًا كَسَائِرِ الْأُمُورِ الشَّرْعِيَّةِ، كَمَا قَالُوا فِي سَلْبِ الْعَبْدِ أَهْلِيَّةَ الشَّهَادَةِ، وَفِي الْأَمْرِ بِإِزَالَةِ النَّجَاسَاتِ، وَطَهَارَةِ التَّأَهُّبِ1 لِلْمُنَاجَاةِ، وَسَتْرِ الْعَوْرَاتِ، وَالنَّهْيِ عَنِ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ عَلَى الْعُرْيِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْعَوَائِدِ الْجَارِيَةِ فِي النَّاسِ، إِمَّا حَسَنَةً عِنْدَ الشَّارِعِ أَوْ قَبِيحَةً، فَإِنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْأُمُورِ الدَّاخِلَةِ تَحْتَ أَحْكَامِ الشَّرْعِ، فَلَا تَبْدِيلَ لَهَا وإن اختلفت آرَاءُ الْمُكَلَّفِينَ فِيهَا2، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَنْقَلِبَ الْحَسَنُ [فِيهَا] 3 قَبِيحًا وَلَا الْقَبِيحُ حَسَنًا، حَتَّى يُقَالَ مَثَلًا: إِنَّ قَبُولَ شَهَادَةِ الْعَبْدِ لَا تَأْبَاهُ مَحَاسِنُ الْعَادَاتِ الْآنَ، فَلْنُجِزْهُ4، أَوْ إِنْ كَشْفُ الْعَوْرَةِ الْآنَ لَيْسَ بِعَيْبٍ وَلَا قَبِيحٍ، فَلْنُجِزْهُ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ؛ إِذْ لَوْ صَحَّ مثل هذا لكان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015