ألحنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَأَحْكُمُ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ مِنْهُ" 1 الْحَدِيثَ، فَقَيَّدَ الْحُكْمَ بِمُقْتَضَى مَا يَسْمَعُ وَتَرَكَ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ، وَقَدْ كَانَ كَثِيرٌ مِنَ الْأَحْكَامِ الَّتِي تُجْرَى عَلَى يَدَيْهِ يُطلع عَلَى أَصْلِهَا وَمَا فِيهَا مِنْ حُقٍّ وَبَاطِلٍ، وَلَكِنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمْ يَحْكُمْ إِلَّا عَلَى وَفْقِ مَا سَمِعَ، لَا عَلَى وَفْقِ مَا عَلِمَ2، وَهُوَ أَصْلٌ فِي مَنْعِ الْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ.
وَقَدْ ذَهَبَ مَالِكٌ فِي الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ عَنْهُ أَنَّ الْحَاكِمَ إِذَا شَهِدَتْ3 عِنْدَهُ الْعُدُولُ بِأَمْرٍ يَعْلَمُ خِلَافَهُ، وَجَبَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ بِشَهَادَتِهِمْ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ مِنْهُمْ تَعَمُّدَ الْكَذِبِ؛ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَحْكُمْ بِشَهَادَتِهِمْ كَانَ حَاكِمًا بِعِلْمِهِ، هَذَا مَعَ كَوْنِ عِلْمِ الْحَاكِمِ مُسْتَفَادًا مِنَ الْعَادَاتِ الَّتِي لَا رِيبَةَ فِيهَا، لَا مِنَ الْخَوَارِقِ الَّتِي تُدَاخِلُهَا الْأُمُورُ، وَالْقَائِلُ4 بِصِحَّةِ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِعِلْمِهِ، فذلك بالنسبة إلى العلم.