ينفض المجابة، ولا علم له بما خلفها من الفيوم، فلما رأى سوادها رجع إلى عمرو، فأخبره بذلك.
قال: ويقال بل بعث عمرو بن العاص، قيس بن الحارث إلى الصعيد، فسار حتى أتى القيس، فنزل بها، وبه سميت القيس، فراث على عمرو خبره، فقال ربيعة بن حبيش:
كفيت، فركب فرسه، فأجاز عليه البحر، وكانت أنثى فأتاه بالخبر، ويقال: إنه أجاز من ناحية الشرقية حتى انتهى إلى الفيوم وكان يقال لفرسه: الأعمى، والله أعلم.
وقال ابن الكنديّ في كتاب فضائل مصر: ومنها كورة الفيوم، وهي ثلثمائة وستون قرية دبرت على عدد أيام السنة لا تنقص عن الريّ، فإن قصر النيل في سنة من السنين مار بلد مصر، كل يوم قرية، وليس في الدنيا ما بني بالوحي غير هذه الكورة، ولا بالدنيا بلد أنفس منه، ولا أخصب، ولا أكثر خيرا، ولا أغزر أنهارا، ولو قايسنا بأنهار الفيوم، أنهار البصرة ودمشق، لكان لنا بذلك الفضل، ولقد عدّ جماعة من أهل العقل والمعرفة مرافق الفيوم وخيرها، فإذا هي لا تحصى، فتركوا ذلك، وعدّوا ما فيها من المباح مما ليس عليه ملك لأحد من مسلم، ولا معاهد يستعين به القويّ والضعيف، فإذا هو فوق السبعين صنفا.
وقال ابن زولاق في كتاب الدلائل على أمراء مصر للكنديّ: وعقدت لكافور الإخشيديّ، الفيوم في هذه السنة يعني سنة ست وخمسين وثلثمائة، ستمائة ألف دينار ونيفا وعشرين ألف دينار.
وقال القاضي الفاضل: في كتاب متجدّدات الحوادث، ومن خطه نقلت، أنّ الفيوم بلغت في سنة خمس وثمانين وخمسمائة، مبلغ مائة ألف واثنين وخمسين ألف دينار، وسبعمائة وثلاثة دنانير.
وقال البكريّ: والفيوم معروف هنالك يغلّ في كل يوم ألفي مثقال ذهبا.
كانت أرضا مقطعة لعشرة من أجناد الحلقة من جملتهم، شمس الدين سنقرّ السعديّ، فأخذ قطعة من أراضي زراعتها، وجعلها اصطبلا لدوابه وخيله، فشكاه شركاؤه إلى السلطان الملك المنصور قلاون، فسأله عن ذلك فقال: أريد أن أجعله جامعا تقام فيه الخطبة، فأذن له السلطان في ذلك فابتدأ عمارته في أخريات سنة ثلاث وثمانين وستمائة، حتى كمل في سنة خمس وثمانين، فعمل له السلطان منبرا، وأقيمت به الجمعة، واستمرّت إلى يومنا هذا.
وأنشأ السعديّ حوانيت حول الجامع، فلم تزل بيده حتى مات، وورثها ابناه: