نقرة، فصار إلى بيت اليهوديّ وهو متنكر في الليل ليطالبه، فأمسكه اليهودي وقال: أنا بالله وبالمسلمين، وصاح. فاجتمع الناس لأخذ النصرانيّ، ففرّ إلى داخل بيت اليهوديّ واستجار بامرأته، وأشهد عليه بإبراء اليهوديّ حتى خلص منه، وعثر على طائفة من النصارى بدير الخندق يعملون النفط لإحراق الأماكن، فقبض عليهم وسمروا ونودي في الناس بالأمان، وأنهم يتفرّجون على عادتهم عند ركوب السلطان إلى الميدان، وذلك أنهم كانوا قد تخوّفوا على أنفسهم لكثرة ما أوقعوا بالنصارى، وزادوا في الخروج عن الحدّ، فاطمأنوا وخرجوا على العادة إلى جهة الميدان، ودعوا للسلطان، وصاروا يقولون نصرك الله يا سلطان الأرض، اصطلحنا اصطلحنا، وأعجب السلطان ذلك وتبسم من قولهم، وفي تلك الليلة وقع حريق في بيت الأمير الماس الحاجب من القلعة، وكان الريح شديدا، فقويت النار وسرت إلى بيت الأمير ايتمش، فانزعج أهل القلعة وأهل القاهرة وحسبوا أن القلعة جميعها احترقت، ولم يسمع بأشنع من هذه الكائنة، فإنه احترق على يد النصارى بالقاهرة ربع في سوق الشوّايين، وزقاق العريسة بحارة الديلم، وستة عشر بيتا بجوار بيت كريم الدين، وعدّة أماكن بحارة الروم، ودار بهادر بجوار المشهد الحسينيّ، وأماكن باصطبل الطارمة وبدرب العسل، وقصر أمير سلاح، وقصر سلار بخط بين القصرين، وقصر بيسرى، وخان الحجر، والجملون، وقيسارية الادم، ودار بيبرس بحارة الصالحية، ودار ابن المغربيّ بحارة زويلة، وعدّة أماكن بخط بئر الوطاويط وبيشكر وفي قلعة الجبل وفي كثير من الجوامع والمساجد إلى غير ذلك من الأماكن بمصر والقاهرة يطول عددها.

وخرب من الكنائس كنيسة بخرائب التتر من قلعة الجبل، وكنيسة الزهري في الموضع الذي فيه الآن البركة الناصرية، وكنيسة الحمراء، وكنيسة بجوار السبع سقايات تعرف بكنيسة البنات، وكنيسة أبي المنيا، وكنيسة الفهادين بالقاهرة، وكنيسة بحارة الروم، وكنيسة بالبندقانيين، وكنيستان بحارة زويلة، وكنيسة بخزانة البنود، وكنيسة بالخندق، وأربع كنائس بثغر الإسكندرية، وكنيستان بمدينة دمنهور الوحش، وأربع كنائس بالغربية، وثلاث كنائس بالشرقية، وست كنائس بالبهنساوية، وبسيوط ومنفلوط ومنية الخصيب ثمان كنائس، وبقوص وأسوان إحدى عشرة كنيسة، وبالأطفيحية كنيسة، وبسوق وردان من مدينة مصر، وبالمصاصة وقصر الشمع من مصر ثمان كنائس، وخرب من الديارات شيء كثير، وأقام دير البغل ودير شهران مدّة ليس فيهما أحد، وكانت هذه الخطوب الجليلة في مدّة يسيرة. قلما يقع مثلها في الأزمان المتطاولة، هلك فيها من الأنفس وتلف فيها من الأموال وخرب من الأماكن ما لا يمكن وصفه لكثرته، ولله عاقبة الأمور.

كنيسة ميكائيل: هذه الكنيسة كانت عند خليج بني وائل خارج مدينة مصر قبليّ عقبة يحصب، وهي الآن قريبة من جسر الأفرم، أحدثت في الإسلام وهي مليحة البناء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015