فقيل للمعارضين: وأي دليل في [قوله] (1): «أتضعضعت عبرات عينك أن (2) دعت ورقاء» على أنه خسس (3) أمر الورقاء وهي الحمامة، وحقره حتى يكون قوله: فإنهن (4) حمام نقضاً لهذا المعنى.

فقالوا: هذا مذهب من مذاهب العرب معروف في تهوين أمر الحمامة، وتعنيف من يبكي لبكائها، ومن ذلك قول البحتري بن عزافر الحرشي:

أإن غردت يوماً بواد حمامة ... بكيت ولم يعذرك بالجهل عاذر

فقوله: «أإن غردت حمامة بكيت» تهوين لأمر الحمامة في تغريدها، أي ذلك لا يوجب البكاء، وهذه الألف تسمى ألف التوبيخ.

ونحوه قول ابن الدمينة:

أإن هتفت ورقاء في رونق الضحى ... على غصن غض النبات من الرند (5)

بكيت كما يبكي الوليد ولم تكن ... جليداً وأبديت الذي لم تكن تبدي

فقال: «بكيت كما يبكي الوليد» يعني الصبي.

ومقله قول الأحوص:

أأن نادى هديلاً يوم فلج ... مع الإشراف في فنن حمام

ظللت كأن دمعك در سلك ... هوى نسقاً وأسلمه النظام

ونحوه قول آخر من بني قشير وأنشده أبو حاتم:

أتجزع أن ورق الحمام تغردا ... بكى شجوه أو جاوب اليوم هدهدا (6)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015