ابتداآتهما بذكر السهر وطول الليل

ولا أعرف في وسط كلامهما من هذا الباب شيئاً يعتد بمثله كنحو ما جاء في الشعر القديم والمحدث.

وقال أبو تمام:

أفنى، وليلي ليس يفنى آخره ... هاتا موارده فأين مصادره؟ (1)

وهذ ابتداء حسن وكلام حسن سجسج (2)، ومعنى جيد بالغ.

وقد أخذ البحتري معنى هذا الصدر فوقع دونه فقال:

له الويل من ليل بطاء أواخره ... ووشك نوى حي تزم أباعره (3)

وقد ذكرته في ابتداآت باب الفراق (4).

... وقال البحتري:

هو الظلام فلا صبح ولا شفق ... هل يطلق الليل عن عيني فأنطلق (5)

عجز هذا البيت في غاية الصحة والبراعة والحسن والحلاوة، ولكن قوله:

«والظلام فلا صبح» معنى [غير] صحيح؛ لتوقعه الصبح وهو مبطيء متأخر فما وجه قوله: ولا شفق، لأن من كان في الليل فإنما يتوقع الصبح ولا يتوقع الشفق، وأظنه أراد نحن في ظلام ولسنا في أول نهار ولا آخره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015