وربما قتلته كما يقتل الأسير، والفراق إنما له ثم تبرد وناره، وتخمد وقتاً فوقتاً، حتى يدرس الحب.
فالفراق يفك أسر الحب، وينسى الخليل خليلة إذا امتد به زمان؛ ألا ترى إلى قول ذهير بن جناب الكلبى:
إذا ما شئت أن تشلى حبيباً ... فأكثر دونه عدد اليالى
فما أنسى خليلك مثل نأى ... وما أبلى جديدك كابتذال
وقول آخر:
ينسى الخليلان طول الناى بينهما ... وتلتقى طرق شتى فيأتلف
هذا هو المعنى الصحيح المعروف، وإن كان قد تقدم أبا تمام في هذا المعنى من تبعه، وحذا على حذوه، فالردئ لا يؤتم به. ولعله سمع معنى سائغاً حسناً فأفسده لسوء عبارته، وكثيراً ما يفعله هذا، زكلن ينبغي أن يقول: من حرقة بعتها فرقة أو أظهرتها فرقة جرحت قلباً، حتى يكون أسير الهوى قتيل الفراق.
فإن قيل: فلم لا يكون قوله أسرت قلباً للحرقة للفرقة؟ قيل: لا يكون ذلك؛ لأن الأسر إذا قبح أن يكون فعلا للفرقة