وقال:
أرى الداليتين على جفاء ... لديك وكل واحدة نضار
إذا ما شعر قوم كان ليلاً ... تبلجتا كما انشق النهار
وهذا غاية في حسنه لفظاً ومعنى لو كان اقتصر عليه ولكنه شره إلى أن قال:
فإن كانت قصائدهم جدوباً ... تلونتا كما ازدوج البهار
أغرتهما وغيرهما محلى ... بجودك والقوافي قد تعار
فقوله: «وإن كانت قصائدهم جدوباً» هو كقوله: «إذا ما شعر قوم كان ليلاً» يريد مظلمة من المعاني، مجدبة منها، وقوله: «تلونتا كما ازدوج البهار» هو معنى قوله: «تبلجتا كما انشق النهار»، وإنما يريد تبلجتا بالمعاني، وكذلك تلونتا، وهذا وإن كان توكيداً للأول، وكان سائغاً جائزاً، فهو منحط المعنى عن الأول انحطاطًا كثيراً، فكأنه إنما شانه ونقصه ولم يزده.
وقال البحتري:
ألست الموالي فيك نظم قصائد ... هي الأنجم اقتادت مع الليل أنجما
ثناء كأن الروض منه منوراً ... ضحى وكأن الوشي منه مسهما