وهذه العلامات لا تعني رمزاً لاقتباس المادة العلمية التابعة للتأصيل اللغوي، وإنما تعني اقتباس نصّ الحديث الغريب فقط، وعزوه لأحد الكتابين: «الغريبين»، أو «المجموع المغيث»؛ وذلك لأننا لدى الموازنة بين المادة العلمية الواردة في ... «النهاية» وهذين الكتابين، نجد أنَّ عملية الاقتباس لا تنضبط، فكثير من هذه المادة العلمية الواردة في «النهاية» مسبوقة بـ (هـ) و (س) ليست في كتابَيْ الهروي وأبي موسى، وكثير من المادة الواردة في «النهاية» مسبوقة بـ (هـ) وحدها ليست في كتاب الهروي، أو مسبوقة بـ (س) وحدها ليست في كتاب أبي موسى. وكذلك قد تَرِد مادةٌ علمية في «النهاية» غير مسبوقة بعلامة (هـ) أو (س)، وهي واردة فعلاً في أحد الكتابين، وهذا الأمر كثير في «النهاية» لا يحتاج إلى تمثيل، وإنَّما يظهر بأدنى تأمل.
وممَّا يؤكد أنَّ علامتي (هـ)، (س) عند ابن الأثير لا تعني اقتباس مادة علمية، وإنما تعني اقتباس نصّ حديث غريب قوله في مقدمته (?) وهو يصف الكتابين: (فاتهما الكثير الوافر، فحيث عرفتُ ذلك، تنبَّهتُ لاعتبار غير هذين الكتابين من كتب الحديث المدوَّنة المصنَّفة، في أول الزمان وأوسطه وآخره، فتتبَّعْتُها واستقريت ما حضرني منها، وأضفتُ ما عثرتُ عليه من الغرائب إلى ما في كتابيهما في حروفها مع نظائرها).
لقد لحظ ابن الأثير إذاً: أنَّ ثمة مادةً من غريب الحديث قد فاتت هذين الكتابين فاضطر للبحث عنها في غيرهذين الكتابين، يقول (?): (فتتبعتُها وأضفت ماعثرت عليه من الغرائب إلى ما في كتابيهما في حروفها مع نظائرها). فهو إذاً يأخذ من كتابَيْ