وقد رأيت الجويني ذكر لوقوع المعرب في القرآن فائدة أخرى فقال:) إن قيل إن استبرق ليس بعربي وغير العربي من الألفاظ دون العربي في الفصاحة والبلاغة، فنقول: لو اجتمع فصحاء العالم وأرادوا أن يتركوا هذه اللفظة ويأتوا بلفظة تقوم مقامها في الفصاحة لعجزوا عنها.
وذلك لأن الله تعالى إذا حث عباده على الطاعة، فإن لم يرغبهم بالوعد الجميل، ويخوفهم بالعذاب الوبيل، لا يكون حثه على وجه الحكمة، فالوعد والوعيد نظراً إلى الفصاحة واجب.
ثم إن الوعد بما يرغب فيه العقلاء، وذلك ينحصر في أمور: الأماكن الطيبة، ثم المآكل الشهية، ثم المشارب الهنية، ثم الملابس الرفعية، ثم المناكح اللذيذة، ثم ما بعده مما تختلف فيه الطباع.
فإذن ذكر الأماكن الطيبة والوعد به لازم عند الفصيح. ولو تركه لقال من أمر بالعبادة، ووعد عليها بالأكل والشرب: إن الأكل والشرب لا ألتذ به إذا كنت في حبس أو موضع كربه فلذا ذكر الله تعالى الجنة ومساكن طيبة فيها، وكان ينبغي أن يذكر من الملابس ما هو أرفعها، وأرفع الملابس في الدنيا الحرير،