فصل: وإن قتل وأخذ المال قتل وصلب ومن أصحابنا من قال: يصلب حياً ويمنع الطعام والشراب حتى يموت وحكى أبو العباس ابن القاص في التخليص عن الشافعي رضي الله عنه أنه قال يصلب ثلاثاً قبل القتل ولا يعرف هذا للشافعي والدليل على أنه يصلب بعد القتل قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا قتلتم فأحسنوا القتلة" 1. وإن كان الزمان بارداً أو معتدلاً صلب بعد القتل ثلاثاً وإن كان الحر شديداً وخيف عليه التغير قبل الثلاث حنط وغسل وكفن وصلي عليه وقال أبوعلي بن أبي هريرة رحمه الله: يصلب إلى أن يسيل صديده وهذا خطأ لأن في ذلك تعطيل أحكام الموتى من الغسل والتكفين والصلاة والدفن وإن مات فهل يصلب فيه وجهان: أحدهما: وهو قول الشيخ أبي حامد الإسفرايني رحمه الله أنه لا يصلب لأن الصلب تابع للقتل وصفة له وقد سقط القتل فسقط الصلب والثاني: وهو قول شيخنا القاضي أبي الطيب الطبري رحمه الله أنه يصلب لأنهما حقان فإذا تعذر أحدهما: لم يسقط الآخر.
فصل: وإن وجب عليه الحد ولم يقع في يد الإمام طلب إلى أن يقع فيقام عليه الحد لقوله عز وجل: {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} [المائدة: 33] وقد روينا عن ابن عباس أنه قال: ونفيهم إذا هربوا أن يطلبوا حتى وجدوا فتقام عليهم الحدود.
فصل: ولا يجب ما ذكرناه من الحد إلا على من باشر القتل أو أخذ المال فأما من حضر ردءاً لهم أوعينا فلا يلزمه الحد لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث كفر بعد إيمان وزنا بعد إحصان أو قتل نفس بغير حق" 2. ويعزر لأنه أعان على معصية فعزر وإن قتل بعضهم وأخذ بعضهم المال وجب على من قتل القتل وعلى من أخذ المال القطع لأن كل واحد منهم انفرد بسبب حد فاختص بحده.
فصل: إذا قطع قاطع الطريق اليد اليسرى من رجل وأخذ المال قدم قطع القصاص سواء تقدم على أخذ المال أو تأخر لأن حق الآدمي آكد فإذا اندمل موضع القصاص قطع