المذهب الثاني: أن النافي للحكم لا يلزمه الدليل مطلقا.

وهو مذهب داود الظاهري، وبعض العلقاء.

أدلة هذا المذهب:

الدليل الأول: قوله - صلى الله عليه وسلم -:

"البينة على من ادَّعى، واليمين على من أنكر ".

وجه الدلالة: أن الشارع جعل على المدعي البينة والدليل، ولم

يجعل على المدعى عليه بينة، والسبب في ذلك: أن المدعي مثبت

للحكم، والمدعي عليه ناف لذلك الحكم.

جوابه:

يجاب عنه بجوابين:

الجواب الأول: أنا لا نُسَلِّمُ أن المدعي عليه لا يطالب بالدليل،

بل قد طالبه الشارع بالدليل، وقد ورد ذلك بنص الحديث، فألزم

الشارع المنكر باليمين، واليمين دليل على نفيه، وإنما خص المدعي

عليه - وهو النافي - باليمين؛ لأن معه ظاهراً يدل على صدقه من

براءة الذمة إن كان المدعى عليه ديناً حتى يظهر ما يشغلها، ومن

ثبوت يده وتصرفه إن كان المدعى عليه عيناً.

واحتمال الكذب في هذه اليمين لا يمنع ولا يبطل كونها دليلاً

يستدل بها على نفي وإنكار هذه الدعوى؛ لأن الكذب يحتمل في

قول الشاهدين أيضا.

الجواب الثاني: سلمنا أن الشارع أسقط عن المنكر - وهو النافي -

الدليل، ولكن لم يسقطه عنه؛ لأن النافي لا يلزمه الدليل، وإنما

أسقطه عنه إن ادعى عليه عينا في يده بسبب وجود اليد على هذه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015