المسألة السادسة والعشرون: هل الإجماع يكون منسوخا؟

لقد اختلف في ذلك على مذهبين:

المذهب الأول: أن الإجماع لا يكون منسوخا.

وهو مذهب الجمهور.

وهو الصواب؛ لأن ما وجد من الإجماع بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وانتهاء زمن الوحي لو نسخ حكمه فإما أن ينسخ بنص، أو إجماع،

أو قياس.

أما الأول - وهو كون الإجماع منسوخا بنص - فهو باطل؛ لأن

الناسخ لا بد أن يكون متأخراً عن المنسوخ، ومعلوم أن النص متقدم

على الإجماع.

وقلنا: إن النص متقدم على الإجماع؛ لأن النصوص تتلقى من

النبي - صلى الله عليه وسلم -، والإجماع لا ينعقد في زمنه - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه إن لم يوافقهم لم ينعقد، وإن وافقهم كان قوله هو الحُجَّة؛ لاستقلاله بإفادة الحكم، فإذا ثبت أن النص متقدم على الإجماع، فلا يمكن أن يكون النص ناسخاً للإجماع؛ لأن المتقدم لا ينسخ المتأخر.

أما الثاني - وهو كون الإجماع منسوخا بإجماع آخر - فلا يصح

- أيضا -؛ لأنه يستحيل انعقاده على خلاف إجماع آخر؛ إذ لو

انعقد لكان أحد الإجماعين خطأ؛ لأن الأول إن لم يكن عن دليل

فهو خطأ، وإن كان عن دليل كان الثاني خطأ؛ لوقوعه على خلاف

الدليل.

أما الثالث - وهو كون الإجماع منسوخا بقياس - فهو باطل

- أيضا -؛ لأن القياس لا يكون على خلاف الإجماع؛ لأنه يشترط

طور بواسطة نورين ميديا © 2015