الوجه الأول: أنه لو كان إبراهيم كلما قطع جزءاً التحم - كما

زعمتم - لنقل إلينا نقلاً متواتراً؛ لأنه لا يمكن ترك نقله؛ لكونه من

المعجزات والآيات الباهرة التي لا يمكن تركها، لكن ذلك لم ينقل

متواتراً ولا آحاداً، ولم يسمع به قبل أن يأتي هذا المعترض، فثبت

أنه لا سند له.

واستدلال المعترض بقوله تعالى: (قد صدقت الرؤيا) على ما

زعم غير صحيح؛ وذلك لأن المراد بالتصديق هنا: هو التصديق

بالقلب؛ لأن حقيقة التصديق يكون في القلب، دون تحقيق الفعل،

فكأن اللَّه تعالى قال: إنك يا إبراهيم لما صدقت وآمنت واعتقدت

وجوبه وعزمت على فعله وعملت في مقدماته عمل مصدق جزيناك

كما نجزي المحسنين الصادقين، فنسخنا عنك فعل الذبح وتحقيقه بذبح

كبش، فالتصديق يختلف عن التحقيق والامتثال والعمل وإيقاع ما أمر

الوجه الثاني: أن قول المعترض هذا يخالف قوله تعالى:

(فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ) ،

فهنا نودي إبراهيم، فلو كان قد ذبح والتحم محل الذبح كما زعم المعترض: لقال: "فلما أنفد الأمر "، أو لقال: " فلما ذبح "، ونحو ذلك من

العبارات التي تدل على أنه امتثل للأمر، ولكن اللَّه سبحانه لم يأت

بشيء من ذلك، بل أتى بتلك الآية مما يدل على أنه نسخ قبل

الفعل.

الوجه الثالث: أن قول المعترض يخالف ظاهر قوله تعالى:

(وفديناه بذبح عظيم) ، فلو كان إبراهيم - عليه السلام - قد ذبح

حقيقة والتجم محل الذبح لما احتاج إلى الفداء، لأنه لا معنى للفداء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015