المذهب الثاني: أن الدليل اسم خاص لما يفيد القطع، أما ما يفيد

الظن فيسمى أمارة.

وذهب إلى ذلك كثير من العلماء، ومنهم: الغزالي، والآمدي،

وفخر الدين الرازي، والقرافي، وابن عقيل، والطوفي.

وقالوا: إن هذا اصطلاح لنا لإعطاء كل لفظ ما يفيده، ولا

مشاحة ولا حجر في الاصطلاح، ولا يلزم من كون العرب

لا تعرفه: منعه عرفاً.

جوابه:

يجاب عن ذلك بجوابين:

الجواب الأول: أن هذا الاصطلاح لكم في التفريق بينهما منع منه

أمور:

أولها: أننا لما نظرنا إلى حقيقة الدليل وجدنا أنها لم تفرق بينهما.

ثانيهما: أن الشارع لم يفرق بينهما في العمل.

ثالثها: أن العرب لم تفرق بينهما في كلامها.

الجواب الثاني: أن هذا الاصطلاح في التفريق بينهما يمكن أن يقبل

لو كان معمولاً به، ولكن - بعد تتبع واستقراء - كتب أصحاب

المذهب الثاني وجدناهم لا يلتزمون بهذا الاصطلاح، حيث إنهم

يسمون ما يفيد الظن دليلاً، ولا يفرقون بينه وبين ما يفيد القطع في

الإطلاق.

ولهذا قلت في كتابي " الخلاف اللفظي عند الأصوليين ": إن

الخلاف لفظي لا ثمرة له.

تنبيه: الدليل يطلق على البرهان، والأمارة، والآية، والحُجَّة،

والبيِّنة؛ لأنها - كلها - ترشدنا إلى مطلوب خبري.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015