ذهب إلى ذلك ابن الحاجب، وتاج الدين ابن السبكي، والعضد

والزركشي.

دليل هذا المذهب:

استدل أصحاب هذا المذهب بقولهم: إن العزيمة والرخصة

يرجعان في الحقيقة إلى الاقتضاء والتخيير، فالعزيمة تحمل معنى

الاقتضاء، والرخصة تحمل معنى التخيير، فهما من صفات الأحكام

التكليفية.

أي: أن كلًّا من تلك الأحكام إما أن يكون عزيمة ومطلوبا، وإما

أن يكون رخصة ومخيراً، ولا يخرجان عن ذلك فكانا من الأحكام

التكليفية؛ لكونهما اسمين لما طلبه الشارع، أو أباحه على وجه

العموم، والطلب والإباحة حكم تكليفي.

جوابه:

يجاب عنه: بأن التصاق الرخصة والعزيمة بالحكم الوضعي أقوى

من التصاقهما بالحكم التكليفي، وهذا لا يخفى على المدقق في

حقيقتهما، بيان ذلك:

أن الرخصة ترجع في الحقيقة إلى جعل الأحوال الطارئة غير

الاعتيادية أسباباً للتخفيف عن المكلَّفين؛ لأن الحكم المشروع فيها هو

جعل الضرورة أو الإكراه سببا في إباحة المحظور، وطروء العذر سببا

في التخفيف بترك الواجب، وهكذا فإن ذلك وأمثاله - في الحقيقة -

هي وضع أسباب لمسببات، والسبب من أنواع الحكم الوضعي.

وإذا دققت في العزيمة وجدتها ترجع إلى جعل الشارع الأحوال

العادية للمكلفين سبباً لبقاء الأحكام الأصلية واستمرارها في حقهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015