وإن كان المعارض راجحاً، فإنه يجب العمل بمقتضاه، وتنتفي
العزيمة.
قولنا: " راجح ": أخرج الرخصة؛ لأن الرخصة حكم ثابت
على خلاف الدليل لمعارض راجح وهو العذر - فمثلاً: " تحريم
الميتة " حكم ثابت من غير مخالفة دليل شرعي، فإذا وجدت
المخمصة حصل المخالف لدليل التحريم، وهو قوله تعالى: (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ،
وهو راجح على دليل التحريم، وهو قوله: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) ،
وذلك لحفظ النفس، فجاز الأكل من الميتة وحصلت الرخصة؛ لأن
مصلحة إحياء النفس، والمحافظة عليها مقدمة على مفسدة الميتة وما
فيها من الخبث.
***
المسألة الثانية: في تعريف الرخصة:
أولاً: الرخصة لغة:
مشتقة من الرخص، وهو: اليسر والسهولة، يقال: " رخص
لنا الشرع في كذا ": إذا يسَّره وسهَّله علينا، وهو - أيضا - مشتق
من اللين والمسامحة.
ثانيا: الرخصة اصطلاحا هي:
الحكم الثابت على خلاف الدليل لعذر.
وهذا التعريف هو ما اخترته في كتابي: " الرخص الشرعية
وإثباتها بالقياس " من أكثر من عشرة تعريفات له.