تبيَّن - فيما سبق - وجود ارتباط وثيق بين أصول الفقه، والفقه،
وهذا لا يعني أنهما علم واحد، بل إن كلًّا منهما علم مستقل بحد
ذاته، ولكل منهما قواعده، ونظراً إلى أنه قد تختلط القواعد
الأصولية بالقواعد الفقهية عند بعض طلاب العلم - حيث إن لكل
منهما قواعد تندرج تحتها جزئيات - ذكرتُ هذه الفروق بينهما وهي:
الفرق الأول: أن القواعد الأصولية عبارة عن المسائل التي تشملها
أنواع من الأدلة التفصيلية يمكن استنباط التشريع منها.
أما القواعد الفقهية: فهي عبارة عن المسائل التي تندرج تحتها
أحكام الفقه، ليصل المجتهد إليها بناء على تلك القضايا المبينة في
أصول الفقه، ويلجأ الفقيه إلى تلك القواعد الفقهية تيسيراً له في
عرض الأحكام، فهو - مثلاً - إذا قال: " إن العبرة في العقود
بالمقاصد والمعاني " أغناه عن أن يقول في كل جزئية: " البيع منعقد
بلفظ كذا "، وأن يقول: " الإجارة تنعقد بلفظ كذا ".
الفرق الثاني: أن القواعد الأصولية كلية تنطبق على جميع
جزئياتها وموضوعاتها، فكل نهي مطلق - مثلاً - للتحريم، وكل
أمر مطلق للوجوب.