كانت شديدة التأكد بشروط، فقالوا في فروعهم: إذا فات المصلي
سُنَّة الصبح مع فرضها، فإنه يسن له قضاؤها، بخلاف ما إذا فاتته
السُّنَّة دون الفرض فلا قضاء لها.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف - هنا - لفظي؛ للاتفاق على أن المندوب إذا لم يقضه
المكلف فإنه لا تنشغل الذمة فيه، ولا يطالب به؛ لأن حقيقة المندوب
- كما سبق -: عدم العقاب على تركه.
سادساً: الدليل الموجب للقضاء:
اختلف العلماء في الدليل الموجب للقضاء هل هو أمر جديد،
ودليل مبتدأ، أو هو الأمر الأول الموجب للأداء ينسحب مع الواجب
ويلازمه في الوقت وبعده؛ على مذهبين:
المذهب الأول: أن وجوب القضاء ثابت بالأمر الأول، فالدليل
الذي أوجب الأداء هو ما أوجب القضاء، ولا يحتاج إلى نص
جديد.
ذهب إلى ذلك عامة الحنفية والمالكية، وكثير من الشافعية،
وجمهور أهل الحديث.
وهو الصحيح عندي؛ للأدلة التالية:
الدليل الأول: أن الأداء قد كان واجبا مستحقا على المكلَّف في
الوقت المحدد شرعاً، وقد علمنا من قواعد الشرع بالاستقراء أن
الواجب لا يسقط عن المكلف إلا بالأداء، أو بإسقاط من له الحق،
أو بالعجز، ولم يوجد شيء من ذلك، وخروج الوقت ليس مما
يسقط الواحب، فتبقى الذمة مشغولة بهذا الواجب، لا يزول هذا
الشغل إلا بمزيل له، وهو أحد الأمور الثلاثة السابقة - فقط -.