الطريق الثامن: الترجيح بكون الراوي فقيهاً.
إذا تعارض خبران، وراوي أحد الخبوين أفقه من راوي الخبر
الآخر: فإنه يقدم الخبر الذي راويه أفقه على الخبر الآخر؛ وذلك
لأن الراوي الفقيه أعرف بمدلولات الألفاظ، وأعلم باقتناص الأحكام
الشرعية من الألفاظ، فهو - إذن - يميز بين ما يجوز وما لا يجوز،
وبين ما يمكن حمله على ظاهره، وما لا يمكن فيه ذلك، فإذا سمع
مثل ذلك فإنه يبحث عنه، وعن ما ليتعلق به من سبب نزوله ووروده
حتى يطلع على ما يزول به الإشكال، بخلاف غير الفقيه، فليس
كذلك " حيث إنه يروي ما يسمعه، وقد يؤدي إلى حكم غير
صحيح، أو إلى حكم مخالف لمقاصد الشريعة.
إذن يكون احتمال الخطأ في كلام الفقيه أقل، ويكون أكثر ضبطاً،
وأشد اعتناء بنقل الكلام.
لذلك يرجح خبر عائشة - رضي اللَّه عنها -: " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصبح جنباً من غير احتلام ويصوم " على خبر أبي هريرة - رضي الله عنه -: " من أصبح جنبا فلا صيام له ".
الطريق التاسع؛ الترجيح بكون الراوي حسن الاعتقاد.
إن الخبر الذي رواه راو حسن الاعتقاد يُرجح على الخبر الذي رواه
مبتدع، لأن الثقة بكلام الراوي حسن الاعتقاد أكثر من غيره.
لذلك يُرجح خبر قوله - صلى الله عليه وسلم -:
"إن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن صيام الدهر"
على الخبر الذي رواه إبراهيم بن يحيى: أن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - قال: " من صام الدهر فقد وهب نفسه لله "؛ لأن إبراهيم بن يحيى
كان مبتدعاً - كما قال كثير من العلماء -.