فهذا الشاعر قد دعا بني مازن من تميم لنجدته وإعانته على
استرجاع إبله ممن أخذها، فقاموا بذلك، واسترجاع الإبل من
الأعداء ليس بالأمر الهين، فيثبت: أن الندب هو الدعاء إلى فعل
أمر مهم، أما الدعاء إلى فعل أمر غير مهم، فلا يسمى ندباً.
ثانياً: المندوب اصطلاحا:
أقرب التعريفات إلى الصحة عندي هو: المطلوب فعله شرعاً من
غير ذم على تركه مطلقاً.
شرح التعريف وبيان محترزاته:
قولنا: " المطلوب فعله " أخرج الحرام؛ لأنه مطلوب تركه،
- وأخرج المكروه؛ لأنه مطلوب تركه - أيضاً -، وأخرج المباح؛ لأنه
لم يطلب تركه ولا فعله.
قولنا: " شرعاً " أخرج المطلوب فعله من غير طريق الشرع.
قولنا: " من غير ذم على تركه " أخرج الواجب؛ لأنه مطلوب
فعله، ويذم على تركه مطلقا.
قولنا: " مطلقا " لبيان أنه يجوز ترك المندوب مطلقاً، أي: بلا بدل.
وأخرج بلفظ " مطلقاً " الواجب الموسَّع، والواجب المخير،
والواجب الكفائي؛ لأن هذه الواجبات الثلاثة يجوز تركها، لكن
بشرط البدل.
فالواجب الموسَّع يجوز تركه في أول الوقت بشرط العزم على
فعله في آخر الوقت.